في البخل
البخل : إمساك المال وحفظه في مورد لا ينبغي إمساكه ، ويقابله الجود ، والبخيل من يصدر منه ذلك ، والمراد به في المقام هو : الحالة الباطنية والصفة العارضة على النفس ، الباعثة على الإمساك والمانعة عن الإنفاق. والشح : أيضاً هو البخل ، وقيل : هو البخل مع الحرص ، فيحفظ الموجود ويطلب غير الموجود.
وهذه الصفة من أقبح صفات النفس وأخبثها ، ولها مراتب مختلفة في قبحها الخلقي وحرمتها التكليفية ، فإنه : إما أن يبخل عن بذل النفس ، أو عن بذل المال ، وأيضاً : إما أن يبخل عن حقوق الله ، أو عن حقوق الناس وأيضاً : إما أن يبخل عن الواجب منها أو عن المندوب ، وعليه ففي موارد إطلاق ما دل على ذم البخل لا يعلم مرتبة الذم وسنخ الحكم ما لم يعلم متعلق الصفة.
وقد قال تعالى في الكتاب الكريم في وصف المتكبرين : ( الذين يبخلون ويامرون الناس بالبخل ) وقال : ( أم لهم نصيب من الملك فإذاً لا يؤتون النّاس نقيراً ) وقال : ( قل لو انتم تملكون خزائن رحمة ربي إذن لامسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتوراً ) وقال : ( ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ). وقال : ( مناع للخير معتد أثيم ) .
وورد في نصوص الباب أنه : إن كان الخلف من الله فالبخل لماذا ؟ .
وأن أقل الناس راحة البخيل ، وأبخل الناس من بخل بما افترض الله عليه .
وأن العجب ممن يبخل بالدنيا وهي مقبلة عليه ، أو يبخل وهي مدبرة عنه ، فلا الإنفاق مع الإقبال يضره ولا الإمساك مع الإدبار ينفعه .
وأن الجنة حرمت على البخيل.
وأن البخل شجرة في النار أغصانها في الدنيا ، من تعلق بغصن منها قاده ذلك الغصن إلى النار .
وأن البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ.
وأن البخيل من بخل بالسلام.
وأن البخل عار .
وأنه جامع لمساوي العيوب ، وهو زمام يقاد به إلى كل سوء .
وأن البخيل بعيد من الله بعيد من الناس ، قريب من النار .
وأن الله يقول : « أيما عبد هديته إلى الإيمان وحسنت خلقه ولم ابتله بالبخل فإني أريد به خيراً » .
وأن شراركم بخلاؤكم .
وحسب البخيل من بخله سوء الظن بربه.
وأنه لا تشاور البخيل فإنه يقصر بك عن غايتك.
وأن الشحيح أشد من البخيل ، إن البخيل يبخل بما في يديه ، والشحيح بما في أيدي الناس ، فلا يرى في أيديهم إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام ولا يشبع ، ولا يقنع بما رزقه الله .
وأن البخيل من منع حق الله ، وأنفق في غير حق الله.
وأن الصادق عليه السلام دعا في الطواف : اللهم قنى شح نفسي ، فسئل عن ذلك فقال : أي شيء أشد من شح النفس ؟ إن الله يقول : ( ومن يوق شح نفسه فألوئك هم المفلحون ) .
وأنه : ما محق الإيمان محق الشح شيء .
وأن الشح هو : أن ترى ما في يديك شرفاً وما أنفقت تلفاً.
وأن لهذا الشح دبيباً كدبيب النمل وشعباً كشعب الشرك.
وأنه لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبداً أبداً.
وأن الشح المطاع من الموبقات.
وأن الشحيح إذا شح منع الزكاة والصدقة وصلة الرحم وإقراء الضيف والنفقة في سبيل الله وأبواب البر ، وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح.
وأنه : إياكم والشح ، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح ، أمرهم بالكذب فكذبوا ، وأمرهم بالظلم فظلموا ، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا ، ودعاهم حتى سفكوا دماءهم ، ودعاهم حتى انتهكوا واستحلوا محارمهم . ( أمر الشح بذلك ، كناية عن اقتضاء هذه الرذيلة تحقق تلك المعاصي ، والجري على وفق ذلك الاقتضاء طاعة منهم ).
وأن هلاك آخر هذه الأمة بالشح.