علومات عن علاقة صهر الرئيس عبدالناصر بالاستخبارات الاسرائيلية
قدم البرنامج الأمريكي الشهير (60 دقيقة) معلومات جديدة حول لغز "أشرف مروان" زوج ابنة الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، بعد عامين من مصرعه إثر سقوطه من شرفة منزله في الطابق الخامس في شارع "سان جيمس بارك" بالعاصمة البريطانية لندن.
وفي برنامج "نهاية الأسبوع" الذي قدمته الزميلة نجوى قاسم بقناة العربية عصر الجمعة، وأعيد في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت 30-5-2009 تم عرض التحقيق التليفزيوني الذي قام به (60 دقيقة) بين أطراف اسرائيلية ومصرية في محاولة لمعرفة الدور الحقيقي الذي لعبه مروان، هل كان عميلا مزدوجا للتمويه على الاسرائيليين في حرب اكتوبر/تشرين 1973 لصالح بلاده مصر، التي اعتبرته بطلا قوميا، وشيعت رسميا جثمانه بحضور جمال مبارك نجل الرئيس المصري، أم كما تعتبره الاستخبارات الاسرائيلية، أهم جاسوس عربي لها، قدم خدمات كبيرة، وكانت تطلق عليه اسما حركيا "الملاك".
تقول نجوى قاسم في البداية إن البرنامج قدم حقائق جديدة عن أشرف مروان، أقل ما يقال عنها إنها قنبلة.
وحسب (60 دقيقة) فإنه قبل 35 عاما، أطلق الجيشان المصري والسوري حربا مباغتة على اسرائيل في يوم الغفران، وهو عيد ديني عند الاسرائيليين. ويعتبر البرنامج أن رجلا واحدا قام بدور رئيس في هذه النتائج، مشيرا إلى د.أشرف مروان، وهو ما يدعو للاستغراب حسب قوله، لاعتباره بطلا عند المصريين والاسرائيليين على السواء.
وينقل عن مسؤولين سابقين في الاستخبارات الاسرائيلية بأن الشاب الأنيق مروان عندما كان في السادسة والعشرين من عمره، وبعد وقت وجيز من حرب الأيام الستة في يونيه/حزيران 1967 التي احتلت فيها اسرائيل شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والجولان والضفة الغربية لنهر الأردن، قام بالاتصال بالاستخبارات الاسرائيلية (الموساد) عارضا أدق الأسرار عن بلده مصر.
وقال رجل الاستخبارات أمرون فركاش: لم نصدق ذلك حينها. الآن وبعد سنوات طويلة أدركنا أنه لا يقدر بثمن. ويشرح سبب ذلك زميله أمرون نيفرون: كان مروان في عقر دار الحاكم، بوصفه صهر الرئيس عبدالناصر (كان متزوجا من ابنته منى).
اسرائيل: أمدنا بوثائق سرية
ويواصل نيفرون قائلا إن الاستخبارات الاسرائيلية، أطلقت عليه اسما حركيا (الملاك) وأنه أمدها بوثائق سرية كبيرة، بعضها يوثق لقاءات الرئيس الراحل أنور السادات مع الزعيم السوفياتي السابق ليونيد برجنيف قبل حرب اكتوبر/ تشرين 1973 وخطط المصريين لاستعادة شبه جزيرة سيناء.
ورغم ذلك – كما يقول الضابط الاسرائيلي – لم يسمع الاسرائيليون شيئا مما أبلغه لهم أشرف مروان من أسرار الاعداد لحرب اكتوبر التي كانت وشيكة ففاجأهم بها المصريون والسوريون.
يصر الاسرائيليون على أن مروان كان أكبر جواسيسهم وأهمهم وأنه ساعدهم بالمعلومات التي أمدهم بها عن الحرب، باستدعاء قوات الاحتياط التي تشكل الجزء الأكبر من الجيش الاسرائيلي مما منع السوريين من اقتحام الجولان التي كانوا قد تقدموا إليها في الساعات الأولى من الحرب، ووقف تقدم المصريين في شبه جزيرة سيناء.
ورغم أن المسؤولين المصريين رفضوا التحدث عن دور أشرف مروان في حرب اكتوبر/تشرين لبرنامج (60 دقيقة) باعتبار أن ذلك لا يزال من الأسرار العسكرية التي لا يجوز الحديث عنها في الوقت الحالي، فإنهم أحالوه إلى رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية د.عبدالمنعم سعيد الذي أخبر البرنامج بأن مروان كان جزءا من خطة الحرب المصرية، وكان يعمل لذلك مع جهاز الأمن القومي (الاستخبارات) ومع الرئيس الراحل أنور السادات.
ويقول سعيد: كان مروان عميلا مزدوجا، وهو الحلقة المهمة في عملية خداع اسرائيل في تلك الحرب، فقد أعطى معلومات مضللة للاستخبارات الاسرائيلية أعطتنا وقتا اضافيا لشن الحرب قبل أن تستدعي قوات الاحتياط.
لكن ضابط الاستخبارات الاسرائيلي السابق أمرون فركاش يرد بأن الموعد الذي أبلغهم به مروان عن بداية الهجوم المصري السوري، هو السادسة مساء، لكنه بدأ في الثانية بعد الظهر، إلا أن هذه المعلومة ساعدت على استدعاء قوات الاحتياط في الوقت المناسب.
أعلى وسام مصري
وباعتباره بطلا قوميا عند المصريين، كرمه السادات بعد الحرب في احتفال سري لم يشهد له مثيل ومنحه أعلى وسام شرف.
عندما سقط أشرف مروان من شرفة شقته في لندن، اعتبر الحادث انتحارا، لكن شرطة سكوتلانديارد – حسب برنامج 60 دقيقة – تحقق اليوم فيه باعتباره قضية قتل.
وينفي أحد أبنائه في حديث للبرنامج أن والده كان جاسوسا لاسرائيل، قائلا إنه في يوم مقتله اختفى الكتاب الذي كان يقوم بتأليفه والأشرطة التي كان يحتفظ بها.
بعد تشييعه الرسمي في مصر التي حضرها كبار رجال الدولة، أصدر الرئيس حسني مبارك بيانا بأنه بطل قومي كان يحب وطنه وأن الوقت غير مناسب للافساح عن أعماله.
أقام أشرف مروان في لندن ربع قرن بعد أن ترك عمله في القاهرة كمستشار سياسي للسادات، واشتهر بعد ذلك كرجل أعمال ناجح، وكان قد لعب دورا كبيرا في توفير قطع الغيار للقوات الجوية المصرية أثناء رئاسته للهيئة العربية للتصنيع من عام 1974 حتى 1975.
ولد مروان في يناير/كانون ثان 1945، وكان والده ضابطا بالقوات المسلحة قبل أن يشغل رئاسة شركة مصر للأسواق الحرة، وله ولدان هما جمال وأحمد، من رجال الأعمال، حصل على بكالوريوس الكيمياء من كلية العلوم جامعة القاهرة عام 1965 وعمل بعد ذلك في المعامل المركزية بالقوات المسلحة.
وبعد زواجه من منى عبدالناصر عين في رئاسة الجمهورية، ثم عين سكرتيرا مساعدا للمعلومات إلى جانب سامي شرف أبرز رجال العهد الناصري، وبعد قضية مراكز القوى الشهيرة في مايو 1971 التي أطاح فيها السادات برجال عبدالناصر في السلطة ومن بينهم شرف، عين مروان سكرتيرا للمعلومات.
توفي في 27 يونيه/حزيران 2007 اثر سقوطه من شرفة منزله، وقالت شرطة سكوتلانديارد حينها إنه قبل السقوط بفترة قصيرة عطلت جميع كاميرات المراقبة الموجودة بموقع الحادث، مما دفع إلى الشكوك في أنه تم قتله.
واهتمت حينها الصحف الاسرائيلية بوفاته. وقالت يديعوت أحرونوت إنه كان عميلا مزدوجا، ويخشى على حياته منذ كشفت اسرائيل عام 2003 بأنه كان عميلا كبيرا للموساد.
وذكرت أن ايلي زريعي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي أثناء حرب اكتوبر 1973 وكبار قادة الموساد والشاباك في ذلك الوقت اعتبروه عميلا مزدوجا، وأنه سبب اخفاقا تاما وكبيرا لمؤسسة الموساد.
وكتبت معاريف "مروان كان عميلا مزدوجا أفشلنا في حرب اكتوبر، وأيا تكون الأسباب وراء موته، فإنه ترك بقعة سوداء، تلوث تاريخ الجاسوسية في اسرائيل، بعد أن خدعها وجعل من هذه المؤسسة (الموساد) أضحوكة.
وقال ايلي زيرا الذي طرد من منصبه كرئيس للاستخبارات العسكرية بعد فشل اسرائيل بالتنبؤ ببدء الحرب في كتاب له صدر عام 1993 "إن اسرائيل فوجئت بالحرب، لأنها وقعت ضحية عميل مزدوج" ورغم أنه لم يذكر اسم اشرف مروان في هذا الكتاب إلا أن الصحف الاسرائيلية حينها نشرت أنه العميل المقصود.