القدر الليلة العظيمة التي شرفها الله
سعيد بن مسفر أحمد الزهراني
بسم الله الرحمن الرحيم
القدر هي الليلة العظيمة التي شرفها الله سبحانه وتعالى بقوله تعالى : (( إِنَّا
أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَالَيْلَةُ
الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِخَيْرٌمِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ
الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَابِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ *
سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )) [القدر] .
سبب تسميتها بليلة القدر : ـ
فقيل:
لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام ،
وهذا من حكمة الله عزّ وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .
وقيل: سميت ليلة
القدر، من القدر وهو الشرف، كما تقول : فلان ذو قدر عظيم ، أي: ذو شرف ،
لقوله تعالى: (( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ *لَيْلَةُ
الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ )) [القدر].
وقيل: لأن للقيام فيها
قدراً عظيماً ، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: « من قام ليلة القدر
إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ».
من فضائل ليلة القدر :
- أن الله أنزل فيها القرآن .
- أنها خير من ألف شهر .
-أن الله سبحانه وتعالى وصفها بأنها بركة قال تعالى : (( إِنَّاأَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ )).
- أن الملائكة تتنزل فيها وهم لا ينزلون إلاَّ بالخير والبركة والرحمة .
- أنها سلام لكثرة السلامة فيها من العقاب والعذاب بما يقوم به العبد من طاعة الله عز وجل .
- أن الله أنزل في فضلها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة .
- أن من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه .
متى تكون ليلة القدر : ـ
ليلة القدر في رمضان .
روى
الإمام أحمد والنسائي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله
أخبرني عن ليلة القدر أهي في رمضان أم في غيره ؟ قال : (( بل هي في رمضان
)) .
وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي صلى الله عليه
وسلم : (( تَحَرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان )). متفق عليه
اعتكف
النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأولى من رمضان ، يريد ليلة القدر ،
ثم اعتكف العشر الأوسط ، ثم قيل: إنها في العشر الأواخر ، وأريها صلّى الله
عليه وسلّم، وأنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين ، وفي ليلة إحدى وعشرين من
رمضان ، وكان معتكفاً صلّى الله عليه وسلّم فأمطرت السماء فوكف المسجد ـ
أي: سال الماء من سقفه ـ وكان سقف مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم من جريد
النخل فصلى الفجر صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه ، ثم سجد على الأرض ، قال
أبو سعيد: فسجد في ماء وطين حتى رأيت أثر الماء والطين على جبهته» فتبيَّن
بهذا أنها كانت في ذلك العام ليلة إحدى وعشرين.
• لفته : في أحد
الرمضانات في السنوات الفائتة شعرت بليلة إحدى وعشرين أنها كانت ليلة مميزة
وبراحة وطمأنينة عجيبة فسألت أحد مشائيخي فأجاب أنها في تلك السنة شعروا
بها في ليلة إحدى وعشرين .
وليلة القدر لا تختص بليلة معينة في جميع الأعوام بل تنتقل .
وهي
في الأوتار أقرب من الأشفاع ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( تحروا
ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان )) . رواه البخاري .
أي في ليلة : إحدى وعشرين ، أو ثلاث وعشرين ، أو خمس وعشرين ، أو سبع وعشرين ، أو تسع وعشرين . والله أعلم .
وأرجاها عند أهل العلم : ليلة سبع وعشرين .
*وليلة القدر تكون في الأوتار وغير الأوتار .
الحكمة من إخفاء ليلة القدر : ـ
رحمة للعباد ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء فيزدادوا قربة من الله وثواباً .
سؤال وجواب ؟
سألت
أمنا عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت يا رسول
الله إن وافقت ليلة القدر ، فما أقول فيها ؟ قال: «قولي اللهم إنك عفو تحب
العفو فاعف عني» .
ليلة القدر لها علامات تعرف بها منها :
1 ـ قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار .
2
ـ الطمأنينة ، أي: طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد
راحة وطمأنينة ، وانشراح صدر في تلك الليلة ، أكثر مما يجده في بقية
الليالي .
3 ـ قال بعض أهل العلم: إن الرياح تكون فيها ساكنة، أي: لا يأتي فيها عواصف أو قواصف ، بل يكون الجو مناسباً .
4 ـ أن الله يُري الإنسانَ الليلةَ في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة .
5 ـ أن الإنسان يجد في القيام لذة ونشاطاً ، أكثر مما في غيرها من الليالي .
06 أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع صافية ، ليست كعادتها في بقية الأيام .
إخواني :
أجتهدوا
في طلب هذه الليلية الشريفة العظيمة المباركة ، وقولوا بلسان العبد الفقير
الخائف الذليل المنكسر بين يدي مولاه اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفوا عنا .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
المراجع : ـ
01 الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين رحمه الله .
02 مجالس شهر رمضان لا بن عثيمين رحمه الله .