وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوّلَ مَرّةٍ

(وَقَضَيْنَآ إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ
لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً(4) فَإِذَا
جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ
شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مّفْعُولاً (5) ثُمّ
رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ
وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً(6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ
وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ لِيَسُوءُواْ
وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]مَرّةٍ
وَلِيُتَبّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً (7) عَسَىَ رَبّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ
وَإِنْ عُدتّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنّمَ لِلْكَافِرِينَ
حَصِيراً)
مع إعادة قراءة الآيات فى تدبر ومهل وتوقف بعد كل آية كمن يستحلب فى
فمه طعماً لذيذاً يخشى عليه الإنتهاء نقف عند أول كلمة فى الآيات وهى قوله تعالى
:
وَقَضَيْنَآ
فنجدها فى لسان العرب بمعنى
:
عهدنا وأنهينا وأبلغنا ومنه
قوله تعالى :
وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع
مُصبحين
أى أعلمناه فمن هنا نعلم أن الإقضاء والإبلاغ كان إلى بنى إسرائيل فى
كتابهم عن طريق نبيهم موسى عليه السلام وهو إعلام لهم بما سيكون من أمرهم فى مستقبل
أيامهم .
ونرجع لنستأنس بقلم صاحب الظلال رحمه الله حيث يقول
:
" وهذا القضاء إخبار من الله
تعالى بما سيكون منهم حسب ما وقع من علمه الإلهى من مآلهم لا أنه قضاء قهرى عليهم
تنشأ عنه أفعالهم فالله سبحانه وتعالى لا يقضى بالإفساد على أحد
:
قل إن ربى
الله لا يأمر بالفحشاء
إنما يعلم الله ما سيكون من علمه بما هو كائن وإن كان بالقياس إلى علم
البشر لم يكن بعد ولم يُكشف عنه الستار .
ثم يستطرد قائلاً :
ولقد قضى الله لبنى إسرائيل فى الكتاب الذى آتاه لموسى عليه السلام
أنهم سيفسدون فى الأرض مرتين وسيعلون فى الأرض المقدسة ويسيطرون وكلما إرتفعوا
فإتخذوا الأرتفاع وسيلة للإفساد سلط الله عليهم من عباده من يقهرهم ويستبيح حرماتهم
ويدمرهم تدميراً " أ . هـ .
ونجدنا أمام هذا الكشف الإلهى لما سيقع من هؤلاء القوم فى مستقبل
أيامهم نستروح نسمات الأمل فى عدل الله الذى قامت عليه السموات والأرض ونجد طعم
الراحة وبرد اليقين فقد أدركنا أن وراء هذا الإفساد والإهلاك والإحراق الذى أوقعه
هؤلاء القوم المجرمون بأهلنا فى فلسطين مصيراً مُخيفاً قد وصلوا إليه بأيديهم
وإستوجبوا إيقاعه بهم ونزولة بساحتهم فيكون عزاءنا عن ألم
الثكل
ولوعة الحزن والقهر هو أن هذه
المشاهد والأحداث الرهيبة كانت شرطاً ضرورياً لكى يتحقق وعد الله فيهم وينزل عقابه
وعذابه بهم .
ولكنا قد نفيق من تلك اللحظات الجميلة المريحة على خاطر يقول
:
لقد كان هذا
تاريخاً قديماً مضى وتلك أمور قد تحققت وإنقضت على مدى تاريخهم
.
وقد نشعر لهذا الخاطر بإنقباضة
فى الصدور وقد نجرى مسرعين لنستنطق القرآن ونُشهد التاريخ فنجد أن القرآن قد حدد
الإفساد بمرتين إثنتين :
الأولى والآخرة
ولم يقل الأولى والثانية لتشعر بأن بعدها ثالثة ورابعة ومن يدقق النظر فى آيات
القرآن الكريم ويُحسن التأمل فى التاريخ
يجد أن هذا الإفساد لا يقع منهم إلا بعد علو وتمكين بحيث يمكنهم من
قهر غيرهم وتدمير حياتهم بصورة يشعر بها أهل الأرض جميعاً ويجدون أثرها ألماً فى
نفوسهم ومرارة فى حلوقهم وهذا مفهوم قوله تعالى
:
لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ
مَرّتَيْنِ
فهى الأرض كلها وما كان لبنى إسرائيل أن يوقعوا ذلك الإفساد وهم طوائف
مُقطعة فى الأرض إذ سيكون فسادهم عندئذ محصوراً بحدود إمكاناتهم كطائفة تحكمها دولة
وهذا يؤكد أن كل مرة من الإفساد لابد أن يسبقها علو وتمكين وهؤلاء اليهود لم تقم
لهم دولة فى تاريخهم كله إلا مرتين :
الأولى بعد خروجهم من التيه ودخولهم الأرض
المقدسة وإقامة دولتهم الأولى على يد نبى الله داوود ومن بعده سليمان عليهما السلام
بعد محاولات مستميته قام بها أهل البلاد الأصليون وهم قبائل
:
الفلسطينيون واليبوسيون وقبائل
أخرى كنعانية فى مواجهة يشوع غلام موسى عليه السلام الذى قاد شعب إسرائيل بعد سنوات
التيه التى قضوها فى سيناء عقوبة لهم على جبنهم الفاضح فى مواجهة أهل فلسطين وفى
أثناء العقوبة مات هارون عليه السلام ومن بعده أخيه موسى عليه السلام بثلاث سنوات
ولم يُكتب لهما دخول فلسطين وأكمل المُهمة من بعدهم يوشع بن نون الذى تسميه التوراة
يشوع وقد إستطاع يشوع بمن معه من بنى إسرائيل أن يوقع هزائم ساحقة بقبائل
الكنعانيين من الفلسطينيين واليبوسيين والمؤابيين بسبب إنقسام تلك القبائل على
نفسها وبسبب إستماتة بنى إسرائيل فى القتال وإستخدامهم لأبشع الوسائل وأشرس
الأساليب بصورة من الوحشية لم تعرف البشرية لها مثيلاً إلا فيما نراه اليوم من
أفعالهم فى غزوهم الجديد لمدن فلسطين فى رام الله وجنين والخليل ونابلس وطولكرم
وبيت لحم وغزة وأريحا ومن قبلها مُدن
حيفا ويافا وعكا وصور ودير ياسين وكفر قاسم وغيرها من المُدن التى
شاهدت أبشع المجازر فى التاريخ الحديث .
هذا عن مملكة إسرائيل أما ممكلة يهودا
..
فقد دُمرت تماماً على يد
نبوخذنصر " بختنصر " وأخذ معه إلى بابل ملكهم " يواقيم " وعشرة آلاف من أهم السكان
وكان منهم النبى حزقيال وحطم القدس تماماً سنة 597 ق .
م
ويسجل التلمود أن هذا التدمير
لم يكن إلا :
" عندما بلغت ذنوب إسرائيل مبلغها وفاقت حدود ما
يطيقه الإله العظيم وعندما رفضوا أن ينصتوا لكلمات وتحذيرات إرمياه ..
"
ولقد وجه النبى إرمياه كلامه
إلى بختنصر قائلاً :
" لا تظن أنك بقوتك وحدها إستطعت أن تتغلب على شعب
الرب المُختار إنها ذنوبهم الفاجرة التى ساقتهم إلى هذا العذاب
"
ولقد سجل القرآن العظيم عليهم
بعض جرائمهم التى لو إنفردت منها جريمة واحدة لكانت كافية لإبادة أمة كاملة .. وهل
هناك بعد الشرك بالله ذنب حين عبدوا العجل
!؟
وبعد
..
فقد ظهر جلياً أن الإفساد
الأول قد وقع عندما قامت دولتهم الأولى حينما حكمهم النبيان الجليلان داوود وسليمان
لمدة ثمانين عاماً فقط وأن الإهلاك الأول قد حدث عندما أفسدوا فى الأرض وأن الله
إختار عباداً له من البابليين والآشوريين فكانوا عصا قدرته وأداة نقمته
.
ثم شاء الله أن يتم وعده لكى
يقع وعيده بإيقاع الإفسادج الثانى أو المرة الآخرة كما وصفها القرآن الكريم
..
فهيأ لهم أسباب التمكين ورد
لهم الكَرة على من حولهم وقد حدد الله سبحانه وتعالى مظاهر القوة فى تلك الكَرة فى
عناصر ثلاثة :
المال والبنين والسلاح
ثُمّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرّةَ عَلَيْهِمْ
وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ
نَفِيراً
ومن يتأمل الآية الكريمة يجد مصداق ذلك فيما جرت به الأقدار فى عصرنا
هذا فقد رد الله لليهود الكَرة وسخر لهم من يَمدهم بالمال فتدفقت عليهم الأموال من
أبناء جلدتهم ومن أهل دينهم بل إن الأموال لتصل إليهم من أيدى أعدائهم سواء علموا
بذلك أم جهلوا أرادوا ذلك أم كرهوا عن طريق بيوت المال العالمية التى أَحسن اليهود
التسلل إليها والسيطرة عليها ولو رأيتم براعتهم فى إدارة المال وإستحداث الأنظمة
الربوية حتى تحولت أموال العالم غلى جيوبهم لأدركتم قوله
:
وَأَمْدَدْنَاكُم
بِأَمْوَالٍ
وإذا تأملتم سيول المستوطنين اليهود وهى تتدفق إلى أرض فلسطين أفراداً
وجماعات وغالبهم من الشباب الذين هم فى سن العمل والإنتاج والكثرة الساحقة منهم
رجالاً ذوى التخصصات الدقيقة
والنادرة كعلوم الذرة والفيزياء والرياضيات وغيرها أدركنا مصداق
إمدادهم بالبنين أما تفوق اليهود العسكرى وقدرتهم على صُنع أعقد الأسلحة وأشدها
فتكاً وترسانتها النووية التى تُباهى بها العالم لهو أكبر دليل على تحقيق قوله
تعالى :
وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ
نَفِيراً
والنفير كما نعلم هو آلة الحرب
.
والجديد الذى نلحظه هو أن
يأتوا من أنحاء الأرض إلى فلسطين وأن يكون مجيئهم فى صورة جماعات وأن يكون مجيئهم
هذا علامة على قُرب نهايتهم وتحقيق وعد الله فيهم
.
ويبقا الجزء الأهم فى الآيات
الكريمات
فَإِذَا
جَآءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]مَرّةٍ
وَلِيُتَبّرُواْ مَا عَلَوْاْ
تَتْبِيراً
ومهما إختلفت التفسيرات بين رجال التاريخ ورجال الدين إلا أن ما نراه
فى أرض المعراج الطاهرة المباركة من ظهور فئة من المُجاهدين الصادقين المخلصين باعو
أنفسهم لله وإشتروا بها الجنة وأقبلوا على ربهم فى عُرس ملائكى طاهر وسيكون على
أيديهم النصر وتدمير إسرائيل الثانية لا محالة مهما طال الزمان
..
ونحنُ نقول صدقت يا رب
العالمين ويارسول الهدى للناس أجمعين وإنا لمؤمنون ومصدقون وبزوال إسرائيل واثقون
.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

موضوع اكثر من رائع
تسلم الايادي جالبة كل جميل وجديد
تحياتي وخالص شكري لك

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

نسال الله ان يجعل القران ربيع قلوبنا ونور قبورنا
بارك الله فيك وجزاكي الله خيرا
علىالطرح المميز
جعله الله لك في موازين الحسنات واثابك الجنة

شكرا بانده لمرورك

تقبلى تقديرى وتحياتى

شكرا منصوره لمرورك

تقبلى تقديرى وتحياتى