“مدام” كلمة تشعر بالاستياء و الإحباط
تصاب بعض السيدات بصدمة من كلمة “مدام”، بالرغم من المعاناة الطويلة والسعي
وراء اقتناص عريس مناسب والفوز بهذا القب ، إلا أن الأمور دائماً تتغير
ولا تسير على نفس المنوال ، فبعد سنة وأخرى تشعر باشمئزاز من هذه الكلمة
وكأنها بذلك حياتها انتهت وأدت رسالتها في الحياة ، وهنا تبدأ تبحث عن لقب
“آنسة” من جديد أو تمحي “مدام” من حياتها بعيداً عن كل التخيلات التي
يلصقها المجتمع تجاه “المدام” و “أم العيال”.
ومن ناحية أخرى إذا أخطأ أي شخص في المواصلات أو في المركز التجاري
ونادي على الآنسة قائلاً يا “مدام” فإنها تبعد هذه الوصمة على الفور مجيبة
“آنسة من فضلك”.
مدام = عمر ضائع
وأشارت دراسة حديثة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى أن
45 % من النساء ينزعجن من لقب “مدام” ، وأكدت الدراسة التي تم إجراؤها
علي3000 سيدة متزوجة أن النساء الاتي يتم مناداتهن في الشارع أو أماكن
العمل أو داخل المحلات التجارية بكلمة “مدام” يشعرن باستياء شديد لأن ذلك
يعني أن عوامل السن قد بدت عليهن.
وأرجع الخبراء السر في ضيق حواء من هذا القب إلى أن هذا الأمر انتشر في
الفترة الأخيرة مع تزايد دخول في سوق العمل وأصبح هناك نوع من الحساسية
تجاه مخاطبتها حسب موقعها في العمل , وهو مالا يتوقف فقط علي الوظيفة بل
داخل وسائل المواصلات مثلا أو في النادي أو في السوبر ماركت والسينما,
ومع تأخر سن الزواج في العقدين الأخيرين تزايدت نسبة تفضيل أن تنادي بالقب
الذي يحد وضعها الاجتماعي سواء كانت آنسة أو مدام .
وضمت الدراسة بعض الألقاب التي كانت تفضلها النساء قبل الثورة والعقود
القليلة السابقة ,حيث كن يفضلن لقب “هانم” والهانم الكبيرة هي الزوجة أو
الأم أو الجدة, أما الفتاة فتلقب بالهانم الصغيرة, وظل هذا الإطار
الطبقي ساريا لفترة طويلة, ومازال يعمل به حتى الآن, ولكن في أوساط
محدودة ، ومن ثم يتعين عند المتعامل مع مراعاة أشياء معينة بحيث يفضل
مناداتها بلقب أستاذة تجنبا لأي مشاكل مع مراعاة أنه لكل مقام مقال.
وما المانع ؟
لا تشعر العروس فى بداية الزواج بوقع هذه الكلمة ، فهي مازالت سعيدة
بالقب الجديد ، ولا تنظر للأمر بهذه الأهمية ، لذلك لا تشعر المهندسة “ر
.ج” المتزوجة منذ ثلاث سنوات بالكلمة قائلة : أنا أم ولدي عبد الرحمن يبلغ
من العمر عامان ، لا تسب لي كلمة مدام ضيق أو حرج لكن استغربها كثيراً
عندما تقال ، وأشعر أنها غريبة على مسامعي ، في العمل ينادوني “بشمهندسة”
أما خارج العمل فكثيرون ينادوني بآنسة ، حتى ولو أحد قال “مدام” لا تسب لي
أزمة ، أما “مروة محمد ” فتحب الكلمة وتعشقها كعشقها لزوجها تجد أن الكلمة
جميلة جداً ، لأنها كلما قيلت لها تشعرها بالفخر كونها تحمل لقب زوجها ،
قرة عينها .
كلمة سخيفة
وأما (ة.ب) تجد كلمة “مدام” غريبة عليها بالرغم من أنها متزوجة من خمس
سنوات والبعض يعتقد أنها مازالت آنسة ، ولكنها فى الوقت ذاته تعترف بأنها
لا تحب هذا القب لأنه يشعرها بكبر العمر ، وأكدت أن نساء زمان كن أفضل
حالاً بفضل كلمة “هانم” التى كانت سائدة وتقال لكل الأعمار.
وتكره “ب.ع ” هذا القب أيضاً ، فهي لازالت مخطوبة ، ولكنها ترجع كل هذا
الكره إلى ثقافة المجتمع التى جعلت من الكلمة صور سيئة جسدتها بعض الأعمال
الدرامية ، أو قد يكون السب يرجع إلى طريقة نطق الكلمة من بعض الناس ، إذا
الأمر من وجهة نظرها يتوقف على التوقيت والشخص نفسه الأمر الذي يجعل
الكلمة بشعة على مسامع أي امرأة ، والأفضل أن يكون هناك ألقاب أخري بدلاً
من مدام مثل “بشمهندسة” أو “دكتورة” .. وهكذا ، وهذا لا يعني أن “مدام”
سبة.
وتقول “م. ش” : أنا لست ضد الكلمة ، وليس لدي أي موقف معها على الإطلاق
، لكن حدث لي موقف فى أحد المرات ، قال لي أحد الأشخاص “يا آنسة” وكنت
حامل في الشهر الرابع ، وكان أخي برفقتي ، وجدت نفسي أضحك بدون سيطرة على
نفسي وشعرت بالسعادة لا أعلم لماذا ، قد أكون شعرت إني مازلت صغيرة ولا
يظهر علي عمري الحقيقي.
وعلقت “م. ه” بجملة لخصت شعور كل كارهات “المدامية” قائلة : “بكرها موت لأني بحس أن عمري 50 سنة وأنتِ طالعة ”
ولماذا ؟
وأبدت ” ل .أ ” دهشتها قائلة : “حاجة غريبة ، لماذا لا يحمل الرجل هو
الآخر لقب بعد الزواج مثل الست .. لو أحد تحدث معه فى الشارع أو العمل
يقولون له يافندم أو يا أستاذ سواء كانت متزوج أو لا ، فلماذا تحمل هذه
الألقاب ، هل هذه كعلامة ما مثلاً ؟ لا أفهم هذا الأمر ، وهل الرجل عندما
يتعامل مع من المفروض أن ينظر ليدها أولاً كي يعرف حالتها الاجتماعية كي
يعرف يتعامل معها ويلقبها بالقب المناسب .
وتؤكد (ل.أ) أن من حق السيدات الاعتراض على هذا القب ، لأنها حرية
شخصية ، وكل امرأة لا ترغب فى أن تلصق بها كلمة “مدام” يجب على الجميع
احترام هذه الرغبة ، لأنها “حرة” ، وإلا نبحث للرجل أيضاً عن لقب مناسب بعد
الزواج .
نصف بني آدم
ويؤكد د.عبد الرؤوف الضبع أستاذ علم الاجتماع أن فى الوطن العربي لا
تعرف ماذا تريد بالضبط نظراً لقلة ثقتها بنفسها وعدم اهتمام الرجل بها ،
وبدلاً من عمل دراسة على مدي شعبية كلمة “مدام” بين المتزوجات ، الأولي أن
نقوم بعمل دراسة تتناول أوزان النساء قبل الزواج بأسبوعين وبعد الزواج بسنة
، تتغير كليا بعد الزواج ، وهى المسؤولة الأولي عن ما يحدث في تغير شكلها
وزنها الأمر الذي يقل الثقة بنفسها ، فالأمر لا يرتبط بالقب أكثر من كونه
يرتبط بعدة عوامل أخري ترتبط بتعامل المجتمع مع العربية وليست المصرية فقط .
وفى مقارنة سريعة لتوضيح حال بعد الزواج يقول د. عبدالرؤوف : إذا أخذنا
لقطة من الشارع العربي ولقطة من شوارع أوروبا للمتزوجا للاحظن فرق بالغ ،
إذا تساهم فيما تشعر به ، ولكن لا يجب أن نحمل العربية كل المسئولية لأنها
معذورة لأنها بسب سي السيد ظلت ولا تظل مقهورة ، وإذا وجدنا أب عاقل يدل
أبنته ويغرقها بحنانه سنجده محاصر بوابل من الانتقادات والتحذيرات بأن
البنت ستكون مدلة زيادة عن الزوم ، وغيره من الكلام غير مقبول .
وهنا يوصف د. الضبع بأنها مقهورة ، ولا تجد من ينصفها، وتقل ثقتها
بنفسها لأنها تشعر بأنها إنسان غير كامل ، هذه الثقة تعوضها بعض الأمور ،
وذلك حين نراها أنها تريد أن تعيش أنثي كل الوقت ، بعكس الأوروبية التى
تكون أنثي بعض الوقت وباقي يومها مشحون بالعمل سواء كانت طبيبة أو موظفة
ولديها التزامات أخري أياً كانت ، أما إذا أردنا تقييم العربية فيكفي أن
نراها أثناء ذهابها للعمل وهي مبالغة فى وضع وسائل الماكياج وكأنها ذاهبة
إلى حفلة أو سهرة ، وهي بذلك تعوض بعض النقص التي تشعر به .