وردموا المدخل تماماً وضيعوا المعالم حوله حتى لا يستدل عليه اللصوص
فبقي القبر الجديد سالماً من عبث اللصوص لأكثر من 2800سنة ونسي تماما
وسمي " خبيئة الدير البحري" ويحتوي على جميع المومياوات ومن بينها
مومياء رمسيس الثاني.
أين الآية ؟
يمكننا أن نقول إن من عرف بغرق الفرعون عدد محدود هم رجال البلاط
والكهنة وإن تسرب النبأ إلى بعض العامة. المهم إن الفرعون توفي كما
توفي غيره من الفراعين الذين سبقوه.
وعلى العموم فقد بلغ من العمر أرذله حيث بلغ 90 عاماً وحكم مصر 67
عاماً ولذلك لم يستغرب الناس وفاته. ومن عرف أنه غرق أثناء مطاردته
لبني إسرائيل وراجع تعنته معهم ورفضه إطلاق سراحهم أيقن أن الله كان مع
بني إسرائيل ونصرهم عليه وكان في غرقه أثناء مطاردته لهم آية ودليل
بالغ على انتصار الحق في النهاية مهما بلغت قوة الظلم في البداية.
بعد مطاردته لبني إسرائيل فمن عرف بغرقه أيقن أن موسى على حق وأنه
كان على باطل وبعد غرقه تم تحنيطه من قبل أفراد البلاط والكهنة.
قال الله تعالى:{وَإِذْ
فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ
فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } [البقرة: 50].
إلى هنا والغرق في حد ذاته هو الآية وحتى لو لم توجد جثته فيكفي أن
هذا الفرعون الذي تكبر وتجبر وعذب وسخر قد غرق – وهذا في حد ذاته آية،
بقي أن نعرف معنى قوله تعالى:
{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً
وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ }
[يونس: 92].
ولنعرف الآية المقصودة علينا أن نستكمل ما حل بهذا البدن الذي أنجاه الله.
قلنا إن مومياوات الفراعنة قد أعيد دفنها في خبيئة الدير البحري في
عام 696 ق.م وطمست الرمال مدخل القبر ونُسِي الأمر، ومرت قرون، وفي
عام 1872م عثر فلاح مصري هو وإخوته مصادفة على مدخل خبيئة الدير
البحري وأخفوا اكتشافهم وظلوا يترددون على المقبرة سراً يأخذون ما خف
وزنه وغلا ثمنه مثل الجواهر والحلي والأواني التي تحنط فيها الأحشاء
وغيرها يبيعونها ويقتسمون ثمنها وكما يقال: إذا اختلف اللصوص ظهر
المسروق، فقد اختلف الإخوة وراح أحدهم إلى قسم البوليس واعترف بالأمر
بعد أن كانت قد مرت 10 سنوات على اكتشافهم له وفي 6 يوليو عام 1881م
ذهب مسئولون من هيئة الآثار المصرية ونزلوا إلى المقبرة وبواسطة 300
من العمال أمكنهم في مدة يومين نقل كل محتويات خبيئة الدير البحري من
جميع مومياوات الفراعين وأثاث جنازي في باخرة إلى القاهرة حيث أودعت
في المتحف المصري في بولاق، ويقول خبير الآثار إبراهيم النواوي إنه في
عام 1902 بعد نقل مومياء رمسيس الثاني قام بفك اللفائف لإجراء الكشف
الظاهري على المومياء ولمعرفة ما يوجد تحت اللفائف وهل هناك مجوهرات
أو تمائم أو غير ذلك والذي حدث هو أن اليد اليسرى للملك رمسيس الثاني
ارتفعت إلى أعلى بمجرد فك اللفائف وهي فعلا تبدو لافتة للنظر بالنسبة
لغيرها من المومياوات ( الفرعون الذي يطارده اليهود – كتاب اليوم –
سعيد أبو العينين – ص 60) وهو وضع غير مألوف بالنسبة للمومياوات
الأخرى التي بقيت أيديهم – بعد فك اللفائف مطوية في وضع متقاطع فوق
صدورهم كما هو واضح من مومياء مرنبتاح ومما قاله أحد علماء الآثار عند
مشاهدته للمومياء، عجيب أمر هذا الفرعون الذي يرفع يده وكأنه يدرأ
خطراً عن نفسه !! لعل قائل هذه الكلمات وهو يلقيها – مجازاً أو تهكماً
– لم يخطر بباله أنه قد أصاب – دون أن يدري – كبد الحقيقة، وأنه قد
قدم التفسير المحتمل لهذا الوضع الغريب لليد اليسرى لمومياء رمسيس
الثاني، وتصورنا لما حدث منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام وبالتحديد قبل
3223 عاماً (1225 ق.م + 1998م) كما هو يلي: