الخصوصية.. كيف يعيها الأبناء؟
يتصرف
النشء بتلقائية وعفويّة وبراءة متناهية، ولا يستطيعون التحكم فيما لديهم
من معلومات أو أحداث أو أخبار طالما لم يصلوا لمرحلة من النُّضج, وعلى
الرغم من كونها صفه لذيذة تَلزمهم إلا إنها تسبِّب في بعض الأوقات مشاكل؛
فعفوية الطفل يمكن أن تجعله ينقل أحداث المنزل للخارج وبالطبع دون أن يدرك
أنها أمور تخص المنزل فقط، وأنه يجب عدم إطْلاع الآخرين عليها، ولذا يسبب
الأطفال حرجًا للآباء والأمهات، وقد تؤدي عفوية الأطفال لمشاكل كبيرة داخل
الإطار الأسري، فكيف نوعّي أبناءنا؟ وما هي أسباب إفشاء الأبناء للأسرار؟..
قيمة الخصوصية
تؤكد
حنان زين (الاستشاري التربوي) أنه "يجب تجنيب الأبناء لكلام مَن هم أكبر
منهم داخل الأسرة، خاصةً ما يدور بين الأب والأم، ويجب عدم التحدث عبر
الهاتف أمامهم، لأن تلك المواقف الأسرية يجب أن لا يعرفها الغير، حيث يصعب
على الطفل التمييز بين ما يقال وما لا يقال".
وتشير حنان إلى أنه "يجب
أن تكون هناك أساليب تربوية لغرس قيمة احترام خصوصية المنزل, خاصة في سن
المدرسة، ولتكن بطريقة مبسطة بضرب الأمثال له مثل: هذا المنزل يسترنا, فهل
يمكن أن نجلس فيه بدون جدران؟ هل ممكن أن نجلس لتناول طعامنا أمام الناس؟,
أي نبث له فكرة الخصوصية في جزء منها ليحافظ على نفسه ونشعره بالانتماء،
وبعد طرح تلك الأسئلة عليه نخبره بأننا يجب علينا حفظ خصوصية منزلنا, كذلك
طرح القصص التي تبثّ فيه هذه القيمة، وتعليمه أن هناك فرقًا بين خصوصية
المنزل وخصوصيته هو شخصيًّا, ويجب علينا نحن الآباء أن نعي ذلك".
وتقول
زين: إنه "يجب تشجيع الأبناء على خصوصية ما يقال داخل المنزل، وأن نثني
عليه عندما يقوم بذلك الأمر, ونستمر في تقديم العوامل التربوية حتى نصل به
إلى وعي تام بمعنى الخصوصية. وتبدأ الخصوصية من الاستئذان، وهذا ما
تعلمناه من كتاب الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ
يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ
الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ
صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا
عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى
بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ
فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)"(سورة
النور)، فهنا يأمر الله سبحانه المربين أن يرشدوا أطفالهم الذين لم يبلغوا
سن البلوغ إلى أن يستأذنوا على أهليهم في ثلاثة أحوال؛ الأول, من قبل صلاة
الفجر لأن الناس إذ ذاك يكونون نياماً في فرُشهم؛ الثاني, وقت الظهيرة "أي
القيلولة" لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال مع أهله؛ الثالث, من بعد
صلاة العشاء لأنه وقت نوم وراحة.