ونحن
هنا لا نريد التفصيل في آراء الفقهاء كثيراً ، وبسط وجهات نظرهم المختلفة
والمتنوعة إزاء هذا الموضوع، بقدر ما يهمنا إجلاء الخصائص النفعية،
والسمات الخيرية، في نظام الوقف الإسلامي، ومدى آثـار وانعكاسات هذه
الخصائص على مطلب التكافل الاجتماعي، الذي دعا له الإسلام وحثَّ عليه بشدة
وتركيز ظاهريْن.
يقول
المفكر المسلم الراحل فضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: " ولقد عرف
المسلمون، أن الإسلام دعا إلى الوقف الخيري، من حيث كان دين فطرة، ثم من
حيث دعا دعوة ملحة إلى البر بالناس، وإلى الصدقة الجارية في نصوص كثيرة،
منها قوله عليه الصلاة والسلام: " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من
ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ." فمضوا بهدى
الفطرة وآداب الدين يوقفون أموالهم على المستشفيات، وعلى المساجد، وعلى
التكايا والأسبلة، وعلى دفن الموتى، وختان الأطفال، وعلى إعانة الفتيات
على الزواج، وعلى التعليم والسياحة في الأرض، والرحلة لأداء فريضة الحج،
وعلى كفالة الفقير واليتيم والمحروم، وعلى كل غرض إنساني شريف، بل لقد
أشركوا في برّهم الحيوان مع الإنسان؛ و لقد تأخذ أحدنا الدهشة وهو يستعرض
حجج الواقفين ( أهل الوقف ) ليرى القوم في نبل نفوسهم ويقظة ضمائرهم ،
وعلوّ إنسانيتهم، بل في سلطان دينهم عليهم، وهم يتخيّرون الأغراض الشريفة
التي يوقفون لها أموالهم، و يرجون أن تنفق في سبيل تحقيقها هذه الأموال "[4].