قــرصـنة الـذات .. شيـخـوخـة واكــتـئـاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع عقبات الحياة وبين ركام المسؤوليات والمشاغل التي تحاصرنا
كثيراً ما يقع الإنسان تحت تأثير:
قرصنة الذات ..
واقصد بهذا التعبير سلب القدرات التي وهِبنا بممارسة العنف
وجلد الذات بالأفكار السلبية والأحكام الجائرة تجاه أنفسنا
وسجن المواهب عن العالم الخارجي
مما يقتل الإبداع وهو في المهد ..
وعلى النقيض يقف على الطرف المقابل من ينفون عن أنفسهم الخطأ والزلل ويدعون الكمال ..
بل يبحرون ويستمتعون بنقد وتحليل شخصيات الآخرين
في الوقت الذي يجهلون فيه أنفسهم ..
فكم من طاقة أهدرت في هذا وقد كان الأولى والأجدر أن يتعرفوا على ذواتهم اكثر ..
نرجسيون أنانيون جنوا على أنفسهم بالغرور والكبرياء
فلا تطوير ولا انجاز بل تقوقع حول الذات خسروا الدنيا والآخرة ..
قال النبي صلى الله عليه و سلم:
((الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نفْسَهُ وَعَمِلَ لما بَعْدَ الموت، والعَاجِزُ
مَنْ أتبع نَفْسَهُ هَواهَا وتَمَنَّى على الله الأمَانيَّ)) رواه الترمذي
وقال حديث حسن .
أما علاجهم فسهل وميسر وبين أيديهم وسيحاسبوا عن هذا ..
انه متمثل في هذا الحديث :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه.
وان لم يتدارك هؤلاء وهؤلاء أنفسهم سيبدأ العد التنازلي للصحة النفسية ..
نعم فباستمرار القرصنة تشيخ النفس وتهرم وتكتئب كما الجسد إن أهمل ..!!
وقد نبحر قليلا في الصنف الأول فهم الأغلب في مجتمعاتنا
وواقعنا اكبر دليل ..
فما أكثر عبارات الإحباط والفشل يطلقها المنهزمون يحبطون
بها ذواتهم مع أول مواجهه صراع وصدام في الحياة
أو بتكرار تلاطم أمواج الهم على شواطئهم ..
وكم من طاقة تبددت في الوقوف طويلا على أطلال الماضي
والحزن على ما فات متجاهلين أن بيدهم تغيير المستقبل ..
قال الله : ﴿.... لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ..﴾22 -23 الحديد
وكم هم الذين يملكون شخصية رائعة وعقلية مبدعة ولكنهم يتصرفون بمستوى اقل مما يتوقع منهم ..
فهم و بكل بساطة رسموا لذواتهم صورة سلبية
وعلى إثرها كانت خطواتهم في الحياة
وقد يساهم الاخرين والمحيطين بنا في تشويه صورتنا ..
لكن من المؤسف جدا أن يربط المرء بين ما يحدث له من مشاكل بذاته ..!!
وهؤلاء على يقين دوماً أن شخصياتهم جزءً مما قد يثنيهم عن الانضمام لركب الناجحين ..
وهذا أمر خطير يجب التوقف عنده ..!!
أختي الكريمة احذري الاقتراب من ذاتك بسوء ..
فاحترام الذات خط الدفاع الأول لتخطي العقبات..
وإلا ستصبحين العدو الشرس لنفسك مما يجعلك تدورين في فلك الآخرين بحثا عن رضاهم ..
وهنا ستكونين فريسة سهلة للحاقدين الحاسدين أو ستقعين في مستنقع المتشائمين المثبطين ..
إن لم تحترمي ذاتك فلا تتوقعي أن تجدي من يحترمها ..
لذلك وجب عليك أن تعقدي هدنة صلح وسلام معها فتتعرفي عليها أكثر ..
أنت بلا شك تملكين الكثير من المواهب والنعم التي ميزك بها الله عن غيرك ..
وبإمكانك القيام بأمور لا يمكن للآخرين القيام بها
بل وقد تملكين كماً هائلاً من الطاقات الكامنة والإمكانيات
تحتاج فقط إلى تنقيب وبحث حتى تظهر للسطح ..
تجلدي بالصبر وبادري بمضاعفة الجهد لتحقق ما تطمحين إليه ..
فالانجاز والعطاء يبددان الإحساس بالدونية ويكسر روتين الحياة المملة ..
استعيني بالله ولا تخشي السقوط لأنه لا يقلل من قدرك
ولكن ..!!
الهزيمة الفعلية أن لا تنهضي..
أحسني إليها وأرفقي بها ولا تجحفيها حقها ..
فإن أحسنَت بادريها بالثناء وان أخفقت واجهيها واعترفي بالأخطاء ..
صححي مسارها وقوميها دون تعنيف أو تشهير..
ابحثي بعقلانية عن البدائل وحتما ستجدين فيضا من الحلول المنطقية
ثم استفيدي من تلك التجارب لبناء جسر تعبرين خلاله إلى ارض النجاح ..
قد تخرج الأمور عن السيطرة مع ضغوط الواجبات وتزاحم المسؤوليات
فتفقدين شيئا من توازنك ولتجنب هذا عليك :
ترتيب الأولويات ..
وإدارة الوقت بعزيمة وانضباط ..
ثم اجعلي لنفسك وقتا مستقطع خاص بك ..
تعيدين فيه ترتيب أوراقك
وتكتشفين ما حققتيه من مشاريع
ولو كانت صغيرة كمكافأة
تشحن الهمة لإكمال مسيرة النجاح ..
استعيدي نشاطك واستمدي طاقتك وتزودي بمنابع إيمانية روحانية تمنحك الثقة..
خشوع في صلاة ..
قال الله تبارك و تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾ [البقرة:45]
تأمل مخلوقات الله ..
قال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فينظروا...﴾ [محمد:10]
تفكر بعظمة الخالق ..
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾[آل عمران:190].
استشعار النعم التي تحيط بك ..
قال تعالى: ﴿وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون﴾ 0
فهي أساس لبناء جسور المودة والتواصل مع الذات تمنحها الثقة مما يزيد من كفاءتها لتتجاوز العقبات ..
وبما انك لا تستطيعين أن تمنعي طيور الهم أن تحلق فوق رأسك
فلا تسمحي لها أن تعشش فيه بالأفكار السلبية..
فكما يقال العقل كالحقل نغرس فيه ما نفكر به
ثم نحصد ما غرسناه من أفكار سلبية كانت أو ايجابية ..
نعم قد يكون التغيير بطيء لكن لا بأس ما دمت على الطريق الصحيح سائرة ..
لا تقارني نفسك بالآخرين فلا حاجة لان تتقمصي شخصياتهم لأنه سيضعك في منزلة اقل من إمكانياتك ..
ابقي أنت كما أنت .. !!
هذا لا يعني أن ترضي بالدرجة الثانية ..
بل استثمري قدراتك وطوريها ..
لكن لا ترهقيها بالمثالية في كل شيء لان الكمال لله وحدة
لا تيأسي ولا تستسلمي فالطريق ليس ممهد ..
بل قد يحوي الكثير من العقبات ..
ولكن اعلمي أن دوامها من المحال ..
ثقي بربك ثم بنفسك وبإذن الواحد الأحد في أخر المطاف
ستقطفين ثمار الجد والاجتهاد ..
همســـة ..
انت لا تمثلين شخصك فقط بل إن مصير أمتك بين يدك ..
نجاحك نجاح لها وتقاعسك يعود سلبا عليها
فلا تكوني معول هدم ..
بل اعقدي النية أن تكوني عضواً فعال في مجتمعك
منقوووووووول للأستفادة