=======================================
الحلقة 16
ولكن امه اقسمت اليمين واغلقت الطريق امامه وهو لا يجرؤ على ان يفتح الموضوع معها من جديد ... لمعت في رأس فارس فكرة بأنه لو وجد ام الجماجم</A>" ياسمين " فسيدفعها لتحكي له هذه القصة الغريبة ولكن اين يجد ياسمين وهو لايعرف لها عنوانا.
فكر ان يذهب ويبحث عنها في المقابر حيث كانت تصطحبه .. لم يتردد فارس في ان ينفذ ما دار برأسه .. بدأ رحلة البحث عن ياسمين ام الجماجم في المقابر .. ايام مرت وهو يبحث في مقابر حيفا وطبريا وبئر السبع لم يترك مقبرة الا ودخلها .. كان يدخلها كالمجنون وينادي بأعلى صوته : يا ياسمين .. يا ام الجماجم</A>.. اين انت ؟
كل محاولات فارس باءت بالفشل حتى يأس وعاد الى البيت وهو على يقين من انها ستظهر في ساعة ما .. او في يوم ما ، حتماً ستظهر ... وفي طريق عودته الى البيت توقف امام احد مطاعم الناصرة ودخل لتناول الطعام الذي لم يذقه منذ ايام .. جلس وطلب الطعام وما هي الا لحظات حتى رأى ذات الخمار الاسود التي لايرى منها اصبعا ولا عينا تقترب حيث كان يجلس وتسحب احد الكراسي وتجلس امام فارس وتقول له : بلاش تطلع مثل الاهبل وتلفت نظر الناس الموجودين في المطعم .. ابتسم وخليك طبيعي .. شو هذه اول مرة بتشوفني فيها ..؟
- تصرف فارس بشكل طبيعي وابتسم وبصوت منخفض حتي لايسمعه احد قال : بصراحة ما توقعت اشوفك هون يا ياسمين .. انا هلكت وانا بدور عليك .
- فقالت : ما حدا قلك دوّر في المقابر .. كان ممكن تيجي على بيتي وهناك بتلقاني ..
- فقال : وين بيتك هذا يا ياسمين ؟
- فقالت : اذا انت ما بتعرف ، بكرة حتعرف .. في هذه اللحظات اقترب من الطاولة حيث يجلس فارس وياسمين ذات الخمار شابان من اصدقاء فارس .. احمر وجه فارس وتمنى لو انهم لم يروه ويبتعدوا عنه حتي لا يسألوه عن علاقته بهذه المقنعة .. ولكن حدث العكس وجلسا على الطاولة الملاصقة لطاولة فارس وقال احدهم : مرحبا يا فارس .. وين مش مبين .. وين غاطس يا فارس وما حدا بشوفك ، وادار وجهه ناحية ياسمين وابتسم وقال مرحبا .." يا شيخة ".
- تدخل فارس على الفور وهو يبتسم ابتسامة مصطنعة واشار بيده الى ياسمين وقال : ياسمين..! واشار بيده نحوهم وقال : اصدقاء لي من حيفا...!
هزت ياسمين رأسها وقالت : تشرفنا يا اصدقاء فارس .. وعلى فكرة انا مش شيخة .. بس شو اعمل فارس بدو البس هيك علشان بغار كثير وانا ما برضى ازعّله .. خطيبي وحبيبي وما برفضلو طلب.
احمر وجه فارس اكثر واكثر لهذا الاحراج الذي وضعته فيه ياسمين امام اصدقائه وفضل الصمت على ان يعلق على كلامها وبحركة سريعة وظريفة ارادت ياسمين ان تخرجه من هذه الورطة او قصدت ان لا تعطيه المجال ليرد على اي سؤال .. وقفت وامسكت بيد فارس وقالت : فارس يالله .. تأخرنا كثير عن الحفلة وسحبته بقوة وسارت .. والتفتت الى اصدقائه واشارت بيدها قائلة : باي باي يا اصدقاء خطيبي ... ولا تنسوا تدفعوا الحساب عنا علشان فارس مش حامل فلوس ..باي .
وسحبت فارس من يده وقبل ان تخرج من باب المطعم التفتت الى الجرسون وقالت له : الحساب عند الشباب الحلوين على الطاولة..باي.
وخرجت الي الشارع وفارس وكل من في المطعم مذهول ويبتسم لظرافة ياسمين ..
ركبت ياسمين بجانب فارس في السيارة واخذت تضحك وقالت : كيف وانا اوفر عليك الحساب .. سار فارس وهو لايدري ايضحك ام يغضب ولكن ما حصل اضحك فارس.
اخذت ياسمين ترشد فارس كعادتها الى اين يذهب من هنا وهناك ثم طلبت منه ان يتوقف بجانب الطريق السريع ما بين شفاعمرو والناصرة ..
اوقف فارس السيارة وابتسم وقال لياسمين : انتِ بتعرفي من ورا هالمقلب اللي عملتيه شو حيصير ، راح اصحابي .. قاطعته ياسمين ولم تتركه يكمل حديثه وبلهجة جادة قالت : بلاش كلام فاضي يافارس .. لا انت ولا اصحابك بتهموني وفش عندي وقت للكلام الفاضي انت بدك تعرف قصة جورجيت اللي امك ما رضت تحكيلك اياها بالرغم من انها تعرفها مليح مليح ... وقبل ما اجيب اجلك وافتحلك قبر .. راح احكيلك اياها يا ابن الدهري علشان تفهمها مليح مليح .. القصة بدت من زمان قبل ( مية وخمس سنين ) .. جورجيت كان عمرها 14 سنة وحيدة امها وابوها .. والدها " عيسى الشامي " كان فقيراً في وسط عائلة فاحشة الثراء كان يعمل لدى عمه سائساً للخيل وفي احد الايام واثناء قيامه بالاعتناء بالخيل تعرض لرفسة من احد الخيول الجامحة .. لم تكن الضربة بسيطة بل ادت الى اصابته بشلل تام وعدم قدرته على تلقي العلاج اللازم ساعد في زيادة الشلل عنده ... عاشت اسرة جورجيت في ظروف مأساوية وصلت الى حد انهم لم يجدوا ما يأكلونه .. اخوة عيسى الشامي " والد جورجيت " واقاربه لم يكترثوا للوضع السيء الذي تمر به عائلة عيسى الشامي وخاصة ان اقرباءه كانوا من اثرياء الشام وما كانوا يبذرونه ويصرفونه على خيولهم كان يكفي ليسد حاجة عائلة عيسى الشامي لعام كامل ... اصرت والدة جورجيت على ان تعمل خادمة في بيوت اقارب زوجها .. تحملت شتى الاهانات لتعيل اسرتها وتعالج زوجها وكانت وبسبب جمالها المميز وعجز زوجها تتعرض لمضايقات لا حدود لها وتنتهي بإهانات تمس بكرامتها .. كان كبرياء والدة جورجيت لا يسمح لها بقبول صدقة او احسان من احد ... ازداد الوضع الصحي لوالد جورجيت سوءاً مما تطلب توفير مبالغ كبيرة من المال لعلاجه ... ابنتة جورجيت لم تحتمل الوضع والحت على والدتها ان تخرج من البيت للعمل لمساعدتها من اجل توفير المال الكافي للعلاج ولكن والدة جورجيت رفضت وبشدة خروج جورجيت من البيت للعمل تحت اي ظرف من الظروف وكانت حجتها ان جورجيت يجب ان تبقى في البيت للاعتناء بوالدها .. لم تكن هذه الحجة هي السبب الحقيقي وراء رفض والدة جورجيت السماح لها بالخروج وانما السبب الحقيقي كان يكمن بإدراك والدة جورجيت ان خروجها من البيت سيسبب مشاكل لا اول لها ولا اخر ... وسيعرض جورجيت للخطر وذلك كون جمالها من الجمال النادر الوجود الذي لا تتمتع به اية فتاة اخرى في زمنها ، وكانت والدة جورجيت حريصة على ان تبعد جورجيت عن الانظار وساعدها في ذلك انزواء العائلة حتى ان والدة جورجيت كانت تعمل على اظهارها كأية فتاة اخرى من خلال انتقاء اسوأ الملابس وتسريح شعرها بطريقة غريبة وبالرغم من كل هذا لم يكن ليخفى جمال جورجيت الاسطوري .... جورجيت ابنة الرابعة عشرة لم تدرك لجهلها ان جمالها نقمة وسيحول حياتها الى جحيم .. جهلها هذا دفعها الى الخروج من البيت دون علم والدتها وبطفولة وبراءة بدأت تبحث عن عمل .. فرآها احد الاشخاص وذُهل لجمالها وسألها : ابنة من انتِ ؟
- فقالت : ابنة عيسى الشامي ..
- فصُعق وقال : لا يمكن لسايس الخيل ان ينجب مثلك.
لم تفهم جورجيت ماذا قصد وماذا حدث ولكن بأسرع من البرق انتشر الخبر ودفع الفضول الكثير لرؤية ابنة سايس الخيل وأولهم اقاربها واعمامها وابناؤهم.
انتشر الخبر واصبح اسم جورجيت حكاية الشام كلها وانتقل الخبر من مكان الى آخر ووالدة جورجيت ادركت الخطر وتوافد الى بيتها العشرات من العرسان واستعد الكثير لعلاج عيسى الشامي ولكن والدة جورجيت رفضت بشدة ان تقبل اي شيء من اي واحد منهم وهي تعلم ان الثمن المطلوب بالمقابل هو ابنتها جورجيت .. وهنا ازدادت الامور سوءاً ..
فبدأت تُرسَم الخطط لاذلال والدة جورجيت .. لم تعد تستطيع الخروج من البيت للعمل حتى لا تترك جورجيت في البيت لوحدها خوفاً عليها .. ولم تكن تستطيع الرحيل لظروف عجز زوجها .. جورجيت ابنتها اصبحت حكاية البلاد باسرها ووصلت الامور الى حد التهديدات من قبل اقاربها بأنهم سيأخذون جورجيت بالقوة اذ لم يكن بالتفاهم .
وفي هذه الاجواء العاصفة التي تحمل قصة جورجيت من اذن الى اخرى .. هبت عاصفة اخرى لتنسي الناس قصة جورجيت وجمالها .. ولينشغلوا بمصيبة كبيرة وقعت على عائلة الشامي بالذات حينما قام احد ابناء عائلة الشامي بقتل احد ابناء عائلة الدهري التي خرجت للثأر من عائلة الشامي وتدخل الوجهاء ليمنعوا حرباً كبرى بين كبرى عائلات الشام في ذلك الوقت والتي ان حدثت ستحصد ارواح الكثيرين من كلا العائلتين عرضت عائلة الشامي اموالاً طائلة واراض واملاك على عائلة الدهري ( دية ) لمقتل ابنهم .. فرفضت عائلة الدهري ( الدية ) واقسمت ان يكون مقابل حياة ابنهم خيرة شباب عائلة الشامي واستمرت المفاوضات وقال سالم الدهري اخ القتيل انه سيقبل ( بالدية ) ولكن سيكون اضافة اليها ان تُحمل " جورجيت الشامي " وتعطى له .
فوجدت عائلة الشامي نفسها في موقف محرج ومهين امام العائلات الاخري فجورجيت تحمل اسم الشامي وان اعطوها لدهري فهم بذلك لن يسلموها فقط بل يطلبو منها ان تتحول من ديانة الشامي الى ديانة الدهري.
اجتمعت عائلة الشامي بكبارها وصغارها ودار الحديث بينهم .. على انه لا مفر فإما ان يسلموا قاتل ابن الدهري او ان يقوم الدهري بقتل احد شباب الشامي ثأراً لابنهم ... ولا احد على استعداد ان يضحي بإبنه والنتيجة ان الحرب لن تنتهي الا بمقتل الكثيرين من كلا العائلتين فأتفق الجميع بدون معارضة على ان جورجيت ابنة سايس الخيل ارخص ما يقدم لدهري .. ولنعلن اننا كنا قد تبرأنا من عيسى الشامي منذ زمن بعيد وان جورجيت لا تعتبر من عائلة الشامي ولا يهم ان تزوجها ابن الدهري او غيره .
نقل الوجهاء لعائلة الدهري ان سالم يستطيع ان يتزوج جورجيت متى شاء وان هذا الامر لايعني عائلة الشامي بشيء ... فردت عائلة الدهري وقالت : ومن قال ان " سالم " سيتزوجها .. اننا طلبنا جورجيت كجارية نفعل بها ما نشاء وليست كزوجة لإبننا .
فوجىء الوجهاء والوسطاء برد عائلة الدهري وفوجئوا اكثر حينما ردت عائلة الشامي بأن هذا الامر لا يعنيهم بشيء .. فجورجيت لا تعني عائلة الشامي بشيء .
الوسطاء والوجهاء من العائلات الاخرى اعتبروا ان احضار جورجيت مع الجاهة ستكون اهانة للوجهاء اذا لم تكن زوجة.
استمرت المفاوضات اياما اخرى واستطاع احد الوجهاء ان يقنع سالم الدهري بعمل عقد زواج مجرد كلام على ورق للخروج من هذا المأزق ووافق الدهري على ذلك وحُدد موعد الصلحة بين عائلتي الشامي والدهري .
===========================
=======================================
الحلقة 17
ووصل الخبر الى ام جورجيت التي كاد ان يطير عقلها .. وبدأت تفكر اين تهرب لتخبىء ابنتها ولكن لم يكن هناك وقت للتفكير فقد حضر شبان وكبار عائلة الشامي لأخذ جورجيت وارسالها الى عائلة الدهري .. امسكت ام جورجيت بإبنتها .. واخذت تبكي وتبكي معها ابنتها .. امسكوا ام جورجيت من شعرها والقوها ارضاً وهي تصرخ وسحبوا جورجيت معهم وهي تصرخ وهم يشتموا والدتها وينعتوها بالداعرة وان ابنتها ابنة حرام .
تعالى صوت الصراخ والبكاء والنحيب وتلقت ام جورجيت وجورجيت عشرات الصفعات والركلات .
فسقطت ام جورجيت على الارض مغشياً عليها ليتبين فيما بعد انها ماتت بنوبة قلبية من القهر والغيظ وحُملت جورجيت واُرسلت الى عائلة الدهري وهي لم تبلغ الخامسة عشرة من العمر .
وتم الصلح بين العائلتين وعادت المياه الى مجاريها وكأن شيئا لم يحدث.
جورجيت التي ما زالت تبكي وهي لاتدري ماذا يحدث حولها .. لماذا وكيف وماذا فعلت ؟.. لم تعلم انها وعائلتها كبش الفداء للشامي والدهري .. ارُسلت جورجيت الى بيت سالم الدهري حيث تسكن زوجته الثانية وطلب منها ان تُبقي جورجيت عندها حتى يفرغ سالم الدهري من العزاء في اخيه وحتى تلك اللحظة لم يرى سالم الدهري جورجيت بل سمع عنها مثله مثل الآخرين.
جورجيت امضت ايام في بيت زوجة سالم الثانية وكانت تبكي ليل نهار وترجو زوجة سالم ان تعيدها الى امها قائلة : " منشان الله يا خالتي رجعيني علي امي .. انا ما عملت اشي .. مشان الله انا لازم اروح واطعم ابوي علشان ما بقدر يوكل لوحدو" ..
ولم يكن بيد زوجة سالم شيء لتفعله لهذه المسكينة سوى ان تحضنها وتبكي لبكائها وتقول : يا ريت يا بنتي بايدي شيء اعمله .. ويا ريت بقدر ارجعك لاهلك .. انت اليوم زوجة سالم الدهري الثالثة وعلى ذمته ، وين ما حتروحي راح يلحقك ويجيبك ...
وفي ساعات ما بعد منتصف الليل وبعد ان انتهى سالم الدهري من اخذ العزاء بأخيه الذي قُتل وودع ضيوفه عاد الى البيت وما ان فتح الباب حتى رأى ما لم يصدقه عقله.. ووقف مذهولا ، جمال جورجيت الاخاذ اذهل سالم الدهري وهو الذي سمع بها ولم يراها من قبل لم يصدق سالم الدهري ولم يكن ليصل خياله وتصوره بأن على هذه الارض مثل هذا الجمال ... وقف كالصنم وعيونه تتفحص جورجيت من اخمص قدمها الى رأسها وقال لها : لقد كذبوا جميعا في وصفك فأنت اجمل مئات المرات من الوصف الذي ذكروه .
جورجيت جالسة في زاوية الغرفة بعد ان انهكها التعب والارهاق وما زالت اثار الدموع في عينيها ، لم تفهم ما قصده سالم الدهري ولم تعرف من يكون هذا الشخص الغريب ...
اقترب سالم من جورجيت وجلس بجانبها واخذ يتحسس جدائل شعرها الطويل واتقدت في عينيه نار الشهوة كذئب جائع استفرد بحمل وديع وبأصابعه اخذ يفك الجدائل وبكل عفوية وبراءه سحبت جورجيت جدائل شعرها من يد سالم وقالت : لا تفكها يا عمو ... ماما بتزعل مني بعدين ، ابتسم سالم الدهري ابتسامة صفراء خبيثة ممزوجة بالشهوة ... وقال : لا تخافي ماما مش راح تزعل وانت كبرت على الجدايل ولازم تفردي شعرك علشأن تصيري عروسه .
- فقالت : لا انا ما بدي ماما بتزعل مني الله يخليك عمو رجعني عند ماما .
- فقال سالم وهو يكتم غيظه : خليكي شاطره واسمعي الكلام وبكره بوخذك على الماما
صمتت جورجيت واحنت رأسها واطرقت بعينيها الى الارض وضمت يدها على الاخرى ظنا منها انها بهذه الطريقة ترضي سالم وتكون " شاطرة " ليعيدها الى امها ولم يكن سالم الدهري من الانسانية ليشعر انه امام فتاة بريئة لا تفقه من امور الحياة شيئا وانها عاشت حياتها منذ ولادتها معزولة عن الدنيا بحكم ظروفعائلتها ولم تعرف الا والدتها ووالدها اللذين كانا مشغولين عنها ليلا ونهارا في العمل الشاق من اجل توفير لقمة العيش لهم .. ولم يكن لها اخ او اخت ولا صديق او صديقة ولم تكن تسنح لها الفرصة الا كل عدة اشهر لساعات معدودة للعب مع مجموعة من الاطفال القادمين مع عائلاتهم لتتنزه بالقرب من المزرعة التي سكنتها مع عائلتها وهذه الظروف جعلت من جورجيت تبدو في تصرفاتها كطفلة لم تبلغ العاشرة من العمر بالرغم من انها بلغت الخامسة عشرة ذات جسد ممشوق وجمال يبهر الابصار ...
استمر سالم الدهري يفك جدائل شعرها .. ولم يكن ليستطيع ان يتمالك نفسه ويجمح نار الشهوة المشتعلة بداخله والتي كانت تزيد التهابا كلما لامست يداه كتفي جورجيت وهو يفك جدائلها وبشراسة حيوان مفترس مزق فستانها البالي بكلتا يديه ؛ وبعنف وبدون رحمه وجورجيت تصرخ من الالم وتقفز من جانبه مشدوهه مذهولة ؛ مصدومة لا تدري ماذا يحدث .. وتصرخ " حرام تضربني يا عمو منشأن الله انا ما عملت شيء " وتبكي ويلاحقها سالم الدهري ويطاردها في ارجاء الغرفة ويشدها من شعرها ويمزق ما تبقى عليها من ثياب ..... تسقط جورجيت على الارض ويلقي بجسده الثقيل عليها ، يغشى على جورجيت لتصحو بعد عدة ساعات ... تفتح عيونها ومن اثر الصدمة لا تدري ان كان ما حدث كابوسا ام حقيقة .. ترى امام عينيها زوجة سالم الثانية والدموع في عينيها ... تضمد جروحها وتحاول ان تحرك جسدها لكنها لم تستطيع من شدة الألم تحرك رأسها ولو قليلا فقد كانت تشعر بألم وجروح على رقبتها وكتفيها وصدرها ... وتعي فورا انها لم تكن في حلم ولا في كابوس ، تبكي بحرارة وتقول لزوجة سالم الثانية التي ما زالت تضمد جروحها " ليش يا خالتو انا شو عملت .. ليش يا خالتو "
اخذت زوجة سالم رأس جورجيت ووضعتها في حضنها بحنان ولم تتمالك نفسها بأن تعتقل دمعتها التي خرت على خدها من جراء ما حصل لهذه المسكينة وقالت لها : " معلش يا بنتي بكره بتنسي " .. واخذت جورجيت وهي تبكي تسأل زوجة سالم اسئلة كثيرة واحتارت زوجة سالم كيف ترد عليها وهي تدرك ان براءه جورجيت لن تستوعب ما حدث ...
مرت ايام وجورجيت ما زالت طريحة الفراش تعتني بها زوجة سالم ليل نهار ورغم الحظر الكبير الذي فرضه سالم الدهري بمنع أي من كان من رؤية جورجيت الا ان بعض النساء والصبايا من عائلة الدهري حضرن خلسة لزيارة جورجيت ومواساتها والعناية بها ... وكان لذلك الاثر الكبير في ان تحسن حالة جورجيت وتستعيد قوتها من جديد.
وبعد مرور عشرة ايام وفي ساعات الليل دخل سالم الدهري الى الغرفة حيث ترقد جورجيت وبجانبها زوجته الثانية دون سابق انذار وطلب من زوجته الثانية ان تخرج وتغلق الباب خلفها واخذت جورجيت تصرخ وتبكي وتمسك برداء زوجته وتتوسل اليها بأن تأخذها معها ولا تتركها معه ، الا ان سالم صرخ بها ان تخرج فورا وتوسلت له ان يتركها فهي ما زالت مريضة ولكن سالم شدها من شعرها والقاها خارج الباب واغلقه وجورجيت نائمة على السرير تبكي وتغطي وجهها بكلتا كفيها .... لم تقاوم هذه المرة ولم تدافع عن نفسها بل اكتفت بأغماض عينيها واخفاء وجهها بيديها .
مرت الاسابيع والاشهر وجورجيت حبيسة الغرفة لا يسمح لها بالخروج او لقاء احد واعتادت جورجيت على الشر الذي لا بد منه بأن يزورها سالم كل عدة ايام لتغمض عينيها وتغطي وجهها.
توقفت جورجيت عن البكاء وبدأت تفهم ما يدور حولها .... ومر عام كامل على هذا الحال وهي لم تر الشمس لمرة واحدة خلال كل هذه المده وما تعلمته خلال هذا العام كان اكثر مما كان يمكن ان تتعلمه خلال عشرات الاعوام ... فزوجة سالم كانت بمثابة الام الحنون لجورجيت ، الا ان جورجيت كانت دائمة السؤال عن والدها ووالدتها فكانت الاجابة تأتيها دائما من زوجة سالم الاولى انهم بخير .
وفي احدى الزيارات السرية ..!!
=======================
=====================================
الحلقة 18
وفي احدى الزيارات السرية التي كانت تقوم بها نساء وصبايا عائلة الدهري لجورجيت لتسليتها والحديث معها واطلاعها على اخر القصص والاحداث ... سألت جورجيت ان كان هناك اخبار جديدة عن ابيها وامها .... فاجابتها احدى النسوة : بأن اخر الاخبار التي وصلتهن بأنهما بخير وقد بعثا بسلاماتهم الحارة مع احد النسوة لك ووعدا بانهما حينما تسمح الظروف سيأتيان لزيارتك .
احدى الصبايا الجالسات والتي كانت تستمع للحديث لم تتمالك اعصابها واخذت تبكي لتخرجها احدى النسوة بطريقة اثارت الشكوك عند جورجيت .
تغير لون جورجيت وقالت بنبرة حزينة والدموع تترقرق في عينيها " كل مرة بسألكن عن اخبار اهلي بتقولن لي انهم بخير ، وعيونكن بتقول غير هيك ... انا مش مصدقة اللي بتحكوه قولن الحقيقة وما تخافنش انا كبرت كثير وراح اتحمل أي خبر .. ما تخلوني اتعذب .. ريحوني واحكن لي شو اللي صار "
كلام جورجيت جعل كل الجالسات معها يبكين ولم يعد هناك جدوى من اخفاء الحقيقة عنها اكثر من ذلك وبدأت احداهن تروي الحقيقة وقالت : ان والدتك قد ماتت في نفس اليوم الذي احضروك فيه الى هنا ولم ينتبه لموتها احد وبقيت ملقاة على الارض لعدة ايام فتوفي والدك بعد ايام ... ليلحق بوالدتك ، لم تستطع المرأة ان تكمل حديثها واخذت تبكي وجورجيت فاجأت الجميع بأنها لم تسقط من عينيها دمعه واحدة وكأن الدمع قد جف من عيونها وبهدوء وثقة وحزم وجبروت قالت " لا تبكي اللي مات ..... مات بس قولن لي مين دفنهم ... ووين دفنوهم "ونظرة النسوة باستغراب لتماسك جورجيت واهتمامها بمكان دفنهما وقالت احداهن : لقد سمعنا انه لم ينتبه لموتهما احد لعدة ايام حتى مر احد الاشخاص بالصدفة من جانب المزرعة وعلم بموتهما وذهب واخبر الناس وتطوع بعض الاشخاص وقاموا بدفنهم ..
- وقالت جورجيت : وين دفنوهم بالضبط ..هل دفنوهم بمقبرة عائلة الشامي ؟
خيم جو من الصمت على المكان لسؤال جورجيت واهتمامها بمكان دفنهما ... فقطعت احداهن الصمت الذي خيم على المكان وقالت : كلا لقد تم دفنهما بجوار المزرعة ولم يدفنا بمقبرة الشامي .
وقالت احدى الجالسات : الله كبير يا بنتي ... ادعيلهم الله يرحمهم .
وقالت اخرى : البقية في حياتك يا جورجيت والله يرحمهم .
ابتسمت جورجيت من جديد وقالت مرة اخرى : اللي مات ... مات سكروا على هالموضوع.
وقالت احدى الصبايا غاضبة ... : الله ينتقم من اللي كان السبب وراح ندعي معك ليل نهار انه الله ينتقم منهم.
ابتسمت جورجيت ووضعت يدها على كتف الصبية وقالت مرة اخرى : اللي مات ... مات وخلينا نحكي بموضوع ثاني .
وقالت زوجة سالم يا جورجيت لا تحشري بقلبك .. : ابكي يا بنتي ابكي وخلي ايمانك بالله كبير .
صمتت جورجيت لبرهة ثم قالت : يا خالتي بكفي .. اللي مات .. مات وسكروا على هالموضوع .
وقالت احدى الصبايا والتي عمرها من عمر جورجيت والدموع تنهمر من عينيها : والله يا جورجيت لو بدهم يذبحوني الا اروح وادور على قبر امك وابوك واضوي عليهم الشمع ... وامسكتها جورجيت وحضنتها واخذت تمسح دموعها عن خدها وتقول لها : لا تبكي يا حبيبتي ولا تغلبي حالك .. اللي مات .. مات .
ارادت اخرى ان تتحدث ولكن جورجيت قاطعتها قائلة : ارجوكم بكفي حكي في هالموضوع اللي مات ... مات.
خيم على المكان بعد كلمات جورجيت جو من الحزن والكآبة والوجوه المكفهرة ... والمفاجئة والذهول والاستغراب من تماسك جورجيت واللامبالاة التي ابدتها حيال الموضوع ... وما هي الى لحظات معدودة حتى انقلب الجو الى خوف وذعر ... انتشر بين النسوة والصبايا الجالسات ترافق مع سماعهن...!!!!
اصواتا اتية من خارج البيت .... لحظات ويظهر سالم الدهري مع مجموعة من رجال العائلة حاملين بايديهم العصي والسياط وينهالون بالضرب على كل النساء ، وهم يشتمون وسالم الدهري انهال على زوجته بالسوط وهو يصرخ بها : يا كلبة يا زانية ... حذرتك الف مرة انو محدش يحكي مع جورجيت وانت لامه كل النسوان عندها.
امسك بشعرها وركلها بقوة .. سقطت على الارض والدماء تنزف من وجهها بغزارة ، واخذ يضرب بالسوط جورجيت على جميع انحاء جسدها ....حتى تعبت يداه وجورجيت واقفة لا تصد الضرب ولا تحني راسها ولا تصرخ ولا تبكي ، وكانها فقدت الاحساس بالالم.
هربت النسوة من البيت ولم يبق في البيت الا سالم الدهري وزوجته الملقاه على الارض ، وجورجيت الواقفة على قدميها وضربات السوط قد مزقت ملابسها وتركت ندوباً وعلامات على وجهها وجسدها .... انحنت جورجيت واقتربت من زوجة سالم لترفعها عن الارض ، فصرخ بها اتركيها تموت مثل الكلبة .... لم تكترث جورجيت ورفعت زوجته .. فركلها سالم ببطنها ركله القت بها لعدة امتار .. زحفت جورجيت مرة ثانية لتسعف زوجة سالم الا انه بدأ بركلها بقدميه على وجهها وجسدها حتى اغمى عليها من شدة الضرب ..... افاقت بعد عدة ساعات لتجد نفسها مقيدة في حظيرة الاغنام ، لياتي سالم وهو يضحك ويقول لها : هذا مكانك الصحيح الذي يجب ان تكوني فيه ، ولا تنسي انك ثمن دم اخي !!!
منظر جورجيت المقيدة والملقاه على الارض .. وثيابها التي مزقها السوط كاشفة عن الجزء الاكبر من جسدها اثار في سالم نار الشهوة فهجم عليها بسادية لا مثيل لها .
مزق ملابسها وفك قيودها حتى لا يبقى ما يمنعه من اشباع شهوته الحيوانية .. وما ان انتهى حتى اخذ يضحك بهستيريا .. وبحركة سريعة لا شعورية امسكت جورجيت بوتد كان بجانبها خصص لربط الابقار وضربت سالم ضربة على وجهه تسببت في فقء عينه اليمنى .
صرخ سالم من الآلم وخرج من غير وعي والدم ينزف من وجهه حتى انه لم يصحو على نفسه عندما خرج من الحظيرة عاريا ...
مرت ساعات طويلة على جورجيت وكانها الدهر وهي تنتظر عودة سالم الدهري لينتقم منها ، حتى حدث هذا وعاد سالم مضمداً وجهه وعينه ...
وقال لجورجيت : عيني راحت يا جورجيت وانا شايفك بعين واحدة مش ثنتين , وانا لو اخذت روحك بدل عيني مش حرتاح
وحترتاحي انت ... انت ...
==============================
=========================================
الحلقة 19
انت ... انت حلوة كثير يا جورجيت ، والله ما خلق احلى منك ، وانا قررت اني ما اكون اناني واخبيك عن عيون الناس ...
وضحك بأعلى صوته واخذ ينادي باسماء اشخاص موجودين خارج الحظيرة ... دخلت مجموعة من رجال الدهري الذي تمنوا ان يروا حتى ولو من بعيد جورجيت صاحبة الجمال الخارق ... قال لهم سالم : خذوا نصيبكم منها ، انها مجرد جارية ولم يكن هؤلاء اقل قذارة من سالم ، واخذوا يعتدون عليها الواحد تلو الاخر وهي صامته خائرة القوى ، لا تقوى على ابداء أي نوع من المقاومة .
توالت الايام وسالم في كل يوم يحضر معه مجموعة جديدة من اقاربه ، ويجد متعته وهو يراقب كيف يعتدون عليها الواحد تلو الاخر !!!
وكان يجبرها على ان تاكل من الفضلات التي وضعت للخرفان في الحظيرة ... لم يكتف سالم بهذا بل اتاها يوما وقال : انت اجمل مره على وجه الارض والله لخليك ابشع مره ، كل رجل اتمناك حتى ولو لحظة ليشوف جمالك ، راح اخليه لما يشوفك يشمئز .... ويتمنى لو انه ما شافك..
قيد يديها وقدميها ، ولم يكن بحاجة لذلك ، فهي لم تعد تقوى على الحراك وامسك بشعرها وقال : ان هذا الشعر الجميل لم يعد يناسبك يا جورجيت .. واخذ مقصا وبدأ يقصه بجنون ومتعه حتى أتى عليه جميعه ... ابتعد عنها لعدة خطوات ونظر اليها وقال : ما زلت جميلة يا جورجيت واخذ سكين وبدأ يشوه وجهها وجسدها بوحشية ... ولم يتوقف الا حين ظن انها ماتت بين يديه .. ليهزها بيديه وهو يصرخ : ما تموتيش !!! انا ما بدي تموتي ..
وحينما شعر انها ما زالت تتنفس القاها على الارض وخرج ... وفي اليوم التالي عاد ومعه مجموعة اخرى من الرجال ، وقال لهم سالم : ها هي جورجيت الجميلة ..من يريدها منكم فليأخذها !!!
اشاح معظمهم بوجوههم عنها تفاديا لرؤيتها .. حتى ان احدهم قد تقيأ من المنظر التي اصبحت عليه .. وهنا ضحك سالم وقال : يا جورجيت الكل اشتهاك وتمناك .. والان لا احد يريد حتى النظر اليك ، كنت اجمل مخلوقة في الوجود واصبحت اقبح من في الوجود ... فاختاري ان تمضي حياتك بين الخراف او اخرجي ليراك الناس واكون قد صنعت لهم مثلا بالقباحة .. ليقولوا اقبح من جورجيت ان ارادوا وصف احد في القبح ... خرج سالم وتركها ولم يهتم حتى باغلاق باب الحظيرة ....
ومرت الايام وجورجيت تشارك الاغنام الطعام والشراب وفي احدى الليالي سمعت صوتاً يناديها همسا ... جورجيت جورجيت التفتت الى مصدر الصوت واذ بها صديقتها الصغيرة ..وقد أتت خلسة لرؤيتها ...
اختبات جورجيت خلف الاغنام وقالت لها : ارجوك لا تنظري الي !!
فبكت الصبية وقالت لها : لا يا جورجيت لا تتخبي .. واقتربت منها الصبية وحضنتها وقالت لها : شو ما عملوا فيك حتظلك احلى بنت في الدنيا كلها ...
ومرت ايام اخرى وبدأت جورجيت تعتاد على شكلها الجديد ، واحضرن لها صديقاتها من بنات عائلة الدهري واللواتي كن يحضرن ليلا لزيارتها خشية ان يراهن احد عباءة وخمارا وكفوفا لتخفي جسدها المشوه ... وبعد ان ارتدتها جورجيت واخفت جسدها بالكامل ليصبح من المستحيل ان يرى من وجهها او اي جزء من جسدها قررت الخروج من الحظيرة التي امضت اشهراً فيها ، ولكن مصائب جورجيت لم تتوقف عند هذا الحد بل اكتشف انها (حامل) ووصل الخبر مسامع سالم الدهري والذي كان قد بدأ ينسى امرها .. جن جنونه وجمع اقاربه من عائلة الدهري وقال لهم : ان تلك العاهرة حامل والذي تحمله في بطنها ابن احدنا ، وأتفق الجميع بانه من المحال معرفة ابن من سيكون وعليه فقد قرروا ان يدفنوها ويريحوا انفسهم من هذه القضية ... فحملوها وخرجوا بها الى احدى المقابر ، وفتحوا احد القبور ووضعوها فيه .. وتركوها لتموت داخل القبر هي والجنين الذي تحمله في احشائها وعادوا الى بيوتهم سعداء بعد ان تخلصوا من هذه القضية التي اقضت مضاجعهم .
وفي داخل القبر الضيق المظلم والذي تفوح منه رائحة الاموات والعفن .. ايقنت جورجيت انها ستموت لا محالة ... ان لم تكن قد ماتت .
اغمضت عينيها مستسلمة للموت الذي تنتظره ... ومن عتمة القبر المغلق .... سمعت صوتاً خافتاً بالكاد يكون همسا .. يناديها : جورجيت جورجيت ... جورجيت ....
ارتجفت اوصالها ... وايقنت ان هذا الصوت ما هو الا صوت ملاك الموت الذي سمعت عنه ... وقد جاء ليقبض روحها والصوت الهامس ما زال يناديها : جورجيت ... لا تخافي يا جورجيت ... لا تخافي ..
في عتمة القبر الضيق حاولت جورجيت ان ترى من اين يأتي الصوت ... ولكنهالم تستطع ان ترى شيئا ... عاد الصوت يناديها من جديد ... : جورجيت لاتخافي ... انا اناديك من تحت القبر ... ادفعي بقدمك اليمنى الحجر وسيفتح لك باب ... فتعالي عندي ... واخذت جورجيت تدفع بقدمها اليمنى الحجر حتى سقط ... ليكشف عن فتحة صغيرة جدا بالكاد تستطيع ان تمر منها زحفا.
فزحفت جورجيت على بطنها حتى أخرجت جسدها من الفتحة الضيقة .... وسقطت في مغارة كبيرة جدا ومظلمة تقع تحت القبر ...
عاد الصوت الهامس يناديها من جديد ...: جورجيت .... جورجيت ... سيري نحو الامام ولا تتوقفي حتى اقول لك .
سارت جورجيت في العتمة عشرات الامتار ليعود الصوت الهامس ويقول لها : جورجيت ... جورجيت ... ادخلي على يمينك يا جورجيت ...
ففعلت جورجيت هذا ، ووجدت نفسها في مغارة مضاءة بضوء خافت مصدره شمعة مشتعلة من بعيد ، وفي داخل المغارة أسرَّة ... وملابس ... واشياء كثيرة ...
عاد الصوت الهامس من جديد يناديها : جورجيت ... جورجيت ... لا تخافي انت في امان ، اجعلي من هذا منزلك ، استحمي واستريحي وكلي وافعلي ما شئت .. فستجدين كل ما ينقصك وكل ما تريدين .. ولكن لا تخرجي من هنا ولا تفكري في الخروج حتى تنجبي طفلك ...التفتت جورجيت الى مصدر الصوت ولكنها لم ترى شيئا بسبب العتمة ..
وقالت جورجيت للصوت الهامس: اين انا ... ومن يكلمني ؟؟
فرد الصوت الهامس : انت في امان ، انت في بيتك يا جورجيت ... وانا لن تريني حتى تنجبي طفلك ..
فقالت جورجيت للصوت الهامس : هل انا حية ام ميتة ؟؟
فرد الصوت الهامس : لا يا جورجيت انت حية ولم تموتي ... والان يا جورجيت ارتاحي ولا تفكري بشيء .. وان احتجت شيئا ولم تجديه ... فقط اطلبيه وسيحضر لك بالحال ...
واختفى الصوت الهامس .. وتلاشى الخوف وحلت مكانه الطمأنينة في قلب جورجيت وتكيفت مع الحياه في داخل هذا المكان المظلم ، المضاء بنور خافت ، وكانت جورجيت كلما احتاجت شيئا تتكلم وتطلبه لتجده بعد وقت قصير في مدخل المغارة وكأن احدا يذهب ويحضره بسرعة.
مرت الايام والاشهر واكتمل حمل جورجيت ... وحان موعد ولادتها وانجبت بعد عناء وآلم وتعب ... طفلة كأنها البدر في بهائها ... ومع مولدها ازداد النور في المكان ليصبح كل شيء يرى بوضوح اكثر وكأن القمر اطل على المكان ... احتفالاً بميلادها غسلتها وارضعتها ... ولفتها ... وضمتها الى صدرها وبعد ثلاثة ايام عاد الصوت الهامس ليقول من جديد : جورجيت ... جورجيت .. مبارك ما جئت به يا جورجيت ...
ابتسمت جورجيت لعودة الصوت الهامس وهي التي الفته ... وقالت : لقد وعدتني بأنني ساراك بعد ان انجب !!!
فقال الصوت الهامس : نعم سيحدث هذا ولكن اصبري حتى تكتمل الايام السبعة لمولودك وسترينني يا جورجيت .
اختفى الصوت الهامس من جديد ... ومرت الايام السبعة وجورجيت تعتني بابنتها ... وقد انستها ابنتها كل الذي حدث معها ... وفي اليوم الثامن عاد الصوت الهامس من جديد واخذ ينادي على جورجيت : جورجيت ... جورجيت .. ها قد عدت يا جورجيت وسترينني الآن ...
ومن حيث مصدر الصوت الآتي من العتمة ، بدأت جورجيت ترى شخصاً يشق الظلام ويتقدم نحوها .. يرتدي الابيض بالابيض ... اقترب منها وامعنت النظر ووجدت امامها امرأة عجوز شعرها ابيض ... وعلى شفتيها ابتسامة وبعيونها حنان ام لابنتها ... شعرت جورجيت بالطمانينة ... وتمنت لو تقفز وتحضنها .... اقتربت منها العجوز صاحبة الصوت الهامس .... وحضنتها وقبلتها
وقالت لها : كيفك يا بنتي ..!؟
وابتسمت جورجيت وبدا السرور والفرح على وجهها ... وخاصة ان صاحبة الصوت الهامس .. امرأة فهذا زاد من اطمانينتها وراحتها .....
وقالت جورجيت لها : من تكونين يا خالة ؟؟؟
فردت العجوز عليها : ستعلمين يا جورجيت ستعلمين ...!!
فقالت جورجيت : متى استطيع الخروج من هنا يا خالة ..؟
فردت العجوز : في أي وقت تريديه يا جورجيت تستطيعين ان تخرجي !!!
فسالت جورجيت : اين انا الان يا خالة ؟؟
فردت العجوز : انت يا ابنتي في مكان تحت القبور ، الخروج منه من القبور والدخول اليه من القبور وقالت لها : ولكن لماذا تخفي وجهك يا جورجيت ..!؟ اخلعي الخمار .. فهنا لن يراك احد ...
فقالت جورجيت : ما بدي تقرفي مني يا خالة ..
فردت العجوز : لا تخافي يا جورجيت .. ربما الدهري استطاع ان ياخذ جمال جسدك .. ولكن جمال روحك لا احد يستطيع ان يأخذه .. لا تخافي يا جورجيت وايضا بامكانك ان تعودي جميلة كما كنت يا جورجيت ..
فقالت جورجيت : كيف يا خالة كيف ، ما ظل شيء فيّ ممكن يرجع مثل اول .
فقالت العجوز : كل اشي ممكن يا بنتي كل اشي ممكن ...
فقالت جورجيت : يا خالة انا طيبة ولا ميتة ..انا بذكر انهم دفنوني وما بدفنو الأ اللي بموت .
فقالت العجوز : لا يا ابنتي فالقبور مليئة بالاحياء الذين لم يموتوا ، وليس كل من يدفن يكون قد مات ، وانت لم تموتي يا جورجيت ، ولكن الظروف قد حكمت عليك ان تبقي ميتة وانت حية ....
والان يا جورجيت يجب ان تعاهديني عهد لا فكاك منه ...
============================
=====================================
الحلقة 20
- فقالت جورجيت : اعاهدك يا خالة اعاهدك ...
- فقالت العجوز : ساحكي لك ما هو العهد وعلى ماذا ستعاهديني ... واخذت العجوز تعلم جورجيت وتشرح لها عن العهد واسبابه ...
مرت اشهر وكانت عائلة الدهري قد نسيت قصة جورجيت ولم يبق يذكرها احد ... وفي ليلة شتاء عاصفة ومعتمة كان يجلس سالم الدهري في بيته ... وسمع طرقا على الباب تكرر الصوت ... وقام سالم الدهري وفتح الباب ... ليرى امرأة مقنعة بالاسود من اخمص قدمها الى راسها ... وفي ثوان ... ودون استئذان .. دخلت المرأة البيت ... وقف سالم الدهري ينظر اليها مستغربا وقال :
- من انت وماذا تريدين ؟؟؟
- قالت المقنعة : لهلأ ما عرفتني يا سالم ؟!
فرد سالم الدهري الذي ما كان ليخاف او يرتعش من شيء فقلبه اقسى من الحجر : الصوت بذكرني بواحدة بشعة كثير ، ماتت من زمان ، شو انت شبحها ولأ انت طيبة وما مت .. يالله شيلي هالخمار علشأن اشوف ابشع مخلوقة صنعها الدهري ...
- فقالت : سالم يا دهري ... انا ما مت ولا راح اموت ، ما دام كلب من دم الدهري فوق الارض .
رفع سالم الدهري يده ليضربها كما اعتاد بالسابق ، الا انها امسكت يده وادارتها بسرعة البرق ليصرخ سالم من الم كسر العظم ... ويصرخ بذهول : انت لست جورجيت ...من تكوني ...؟؟؟؟
- وضحكت وقالت : انا لعنتك يا سالم ، انا لعنة الدهري والشامي ، من دمكم ولحمكم ، خلفت بنت مين ابوها يا سالم ، انت ولأ اخوك ولأ عمك ولأ خالك ، ولأ ولادهم مين ابوها من رجال الدهري يا سالم ..؟
بنتي حتخلف بنت وبنتها حتخلف بنت وكل بنت حتخلف بنت وانا وبناتي حنظل لعنة حتطاردكم وتطارد كل ذكر من دمكم ... وبدل القبر اللي دفنتوني فيه ، حنفتحلكم الف قبر وقبر.
وبحركة سريعة من يدها ازاحت الخمار عن وجهها والعباءة عن جسدها ليطل من خلف العباءة والخمار .. اجمل جسد ووجه في الدنيا ...... ظهرت علامات الذهول والصدمة على وجه سالم الدهري فجورجيت عادت اجمل مما كانت عليه بعشرات المرات
وقالت جورجيت : يا سالم يا ابن الدهري , انا جورجيت احلى بنات الشام واحلى بنات الدنيا كلها وكل بنت حتحمل دمي ، حتكون احلى بنات الدنيا ومش حيكون احلى من بنات جورجيت في الدنيا كلها ... وكل ذكر حيشوف وجه جورجيت او بنت من بناتها .. حينفتحلو قبر وحيفتح قبر وحيعيش بقبر .
وخرجت جورجيت تاركه سالم الدهري مذهولا لا يصدق ما حدث امامه ...
صدمة قوية اصابت سالم الدهري ... لف يده وخرج وجمع اقاربه وتوجهوا معاً رغم الجو العاصف والامطار التي كانت تنهمر بغزارة الى المقبرة التي دفنت فيها جورجيت.
احتاروا واختلفوا مع بعضهم حول القبر الذي دفنوها فيه ... واستقروا اخيراً على احد القبور، وبدأوا برفع التراب عن القبر ليفتحوه ويروا ان كانت جورجيت حية ام ميتة ، وحينما فتحوا القبر شاهدوا شموعاً مضاءة ، ورائحة زكية تنبعث من داخل القبر .. أخذ رجال الدهري ينظرون بوجوه بعضهم البعض ونفس السؤال يدور في رؤسهم جميعا ... اين اختفت جثة جورجيت ؟ من فتح القبر واضاء الشموع ..؟ كيف يمكن للشموع ان تبقى مشتعلة داخل قبر مغلق ..؟
وبدأ سالم الدهري يصرخ بمن حوله قائلا : هل انتم متأكدون بأن هذا القبر هو القبر الذي دفناها فيه ...؟!
اكد بعضهم وشكك آخرون .. واصر سالم ان يقوموا بفتح عدة قبور اخرى لقطع الشك باليقين وقام اقارب سالم بفتح عدة قبور اخرى مرغمين تحت الحاح سالم وكل منهم يحاول اخفاء الخوف الذي اعتراه عن اعين البقية... وقال احدهم لسالم والجمع الموجود : هيا نعود الى بيوتنا .. لا يوجد شيء يستحق ان نضيع من وقتنا لأجله ..فأن كانت جورجيت حيه فهي ليست الا امرأة ولن تستطيع ان تضرنا بشيء وان كانت ميته فمن المخجل ان نبدأ بالخوف من اشباح الاموات.
ايده الاخرون بما قال وقد لاموا سالم الدهري على اهتمامه بهذا الموضوع وبدأوا بالخروج من المقبرة لتستوقفهم ضحكة امرأة .. التفتوا الى مصدر الصوت ولم يستطيعوا ان يحددوا المكان الصادر منه .. تكررت الضحكة كلما هموا بالخروج من المقبرة وتتوقف كلما توقفوا .
ويقول لهم سالم : انها ضحكة جورجيت .. هيا لنبحث عنها .. ؟!!
لم يوافقه احد على هذا الرأي واجمعوا بأنهم يجب ان يعودوا ولا يأبهون بما يحدث .. ولكن الصوت هذه المرة يناديهم قائلا : وين يا اولاد الدهري ، وين رايحين ؟!!... انا " مره " يا اولاد الدهري ... و" مره " ما بتخوفكم ، بنتكم بتستناكم وبدها تعرف مين ابوها والقبر الّي فتحتوه لازم واحد فيكم يسكن فيه ؛ مين فيكم حيسكن فيه يا اولاد الدهري .. مين فيكم حيسكن فيه ...؟!!
انا " جورجيت " الّلي خلقت منكم لعنة وابوها كل رجال الدهري .. انا جورجيت " المره " اللي ما حتخلي في عيلتكم الا كل " مره " .. واللي بدوا لعنتي ما تصيبوا يعلن عن نفسه " مره "...
واخذت جورجيت تضحك بصوت عالٍ ومتواصل ... وسارعوا الخطى وابتعدوا عن المقبرة حتى تلاشى صوت جورجيت ، واخذ كل واحد منهم يتساءل بينه وبين نفسه هل هذا معقول ؟ هل تملك جورجيت القوة لتحقق ما قالته ..!! هل هي ميته ام حيه..؟!!
واخذوا في سرهم يلعنون سالم الدهري على هذه الورطة التي اوقعهم بها .. وبعد ذلك دار بينهم حوار حول ما حدث وكل واحد منهم يقوي عزيمة الاخر ويظهر بأنه ليس خائفاً ... سالم الوحيد من بينهم الذي لم يتكلم وصمت طوال الطريق وهو اكثرهم قناعة بأن جورجيت قادره على تنفيذ ما قالته وخاصة انه جربها حينما كسرت له يده في اقل من لحظة ... سالم لم يحكي لاقربائه عما فعلت به جورجيت بأنها هي التي كسرت له يده ..
مرت تلك الليلة ثقيلة وطويلة على رجال الدهري لم يذوقوا خلالها النوم ، ومرت ثلاثة ايام اخرى واختفى ابن عم سالم الدهري وبدأوا بالبحث عنه ولكن عبثا كان بحثهم ... مر اسبوع على اختفائه وجميعهم شكوا بينهم وبين انفسهم بان جورجيت ربما تقف خلف اختفائه .. ولكن لم يجرؤ احد ان يذكر ذلك امام الآخرين ، حتى تجرأ احدهم وذكر ذلك ، وذكرّهم بأن جورجيت قد وعدت بأن تدخل " احدنا " القبر الذي تم فتحه ... ويجب علينا ان نذهب لنتأكد ان كان هذا صحيحاً .. في البداية ترددوا في التوجه الى قبر جورجيت ولكن بعد ذلك ذهبوا الى القبر .. ليجدوه مغلقا ، وقد نقشت عليه كلمات تقول ...
هنا يسكن الميت الحي
ان كان حيا اخرجوه
وان كان ميتا دعوه
اذهبوا والقبر لا تفتحوه
ان فعلتم فلا بد ان تسكنوه
فتحوا القبر ولم يجدوا بداخله الا الشموع المضاءة ، وخيل لبعضهم انهم سمعوا بكاء طفله ، ورأوا بداخل القبر كتابة منقوشة على حجر ...
" لقد فتحتم قبراً جديداً ترى من فيكم سيسكنه لا تحيروني .. وتحتاروا ، ان لم تختاروا سأختار منكم ابـاً لابنتي يؤنس وحدتها .. "
وقف رجال الدهري محتارون .. منهم من يصدق ومنهم من يكذب ، وحل على العائلة كابوس اسمه جورجيت ومر شهر واختفى شخص جديد من عائلة الدهري ، وشهر اخر واختفى اخر وهكذا كلما مرت عدة شهور يختفي احدهم ولا يعود .. واجتمعت عائلة الدهري في جو من الخوف والغضب يتشاورون فيما بينهم عن طريقة للخلاص من هذه الورطه ومرت الأشهر وعائلة الدهري تحفر القبور بحثا عن جورجيت وعن ابنائهم الذين اختفوا ولكن دون جدوى فلا اثر لجورجيت ولا للذين اختفوا ، ولم يجدوا الا كتابات جديدة تزيدهم حيرة وتثير جنونهم اكثر واكثر ..
بدأوا يشكون في كل شيء ، حتى انهم بدأوا يشكون في بعضهم البعض ووصل شكهم الى عائلة الشامي عائلة جورجيت فربما هي التي تساعد جورجيت في خطف ابناء الدهري ، وارسلوا وفدا الى عائلة الشامي للبحث عن طرف خيط يساعدهم في الخلاص ومعرفة الحقيقة فلا يمكن ان تكون جورجيت لوحدها تقف وراء كل ما يحدث وكانت المفاجأة حينما علموا بأن عائلة الشامي هي ايضا تحفر القبور بحثا عن ابنائها وان لعنة جورجيت قد اصابتهم هم ايضا وعاد الوفد وابلغ عائلة الدهري بما حدث لعائلة الشامي وانقسمت عائلة الدهري الى قسمين منهم من ايد البحث عن طريقة لاصلاح جورجيت وارضائها ومنهم من اعلن رفضه لهذه الفكرة وانه يجب البحث عنها وقتلها بدلاً من الاعتذار لها فما هي الا امرأة ...
ومرت سنوات وعائلة الدهري تحيا كابوسا اسمه جورجيت وفي كل فترة يختفي شخص جديد حتى ان عائلة الدهري اعتادت على هذا الوضع ولم يعد رجال الدهري يجرؤون على الخروج ليلاً خوفا من لعنة جورجيت .
ورغم كل ذلك استطاعت عائلة الدهري ان تخفي عن الجميع ما حدث لها وتبقى الامر سرا فمن العار ان يعلم احد بان امرأه فعلت بهم كل هذا والويل كل الويل ان علمت احدى نساء او بنات الدهري بهذا الموضوع وتحدثت به مع اي كان ولكن معظم نساء الدهري وبناتها ... علمن في الموضوع من خلال تصنتهن على اجتماعات رجال الدهري المغلقة .
وفي احدى الليالي توجهت مجموعة منهن الى حيث دفنت جورجيت ..واخذن ينادين بأعلى صوتهن على جورجيت
=====================
================================
الحلقة 21
ولكن عبثا فلم تظهر جورجيت وقامت احداهن باشعال شموع على قبرها قبل ان يغادرن ...
وما ان تم اشعال الشموع حتى ظهرت جورجيت قادمة من بعيد ببطء وكانها تعمدت ان لا تفاجئهن حتى لا يخفن منها ... اقتربت منهن وعانقتهن وجلست معهن وسألتها احدى الفتيات ...
قائلة : يا جورجيت ..انت طيبة ولا ميتة ..؟
ابتسمت جورجيت وقالت : لا يا حبيبتي انا طيبة ومش ميتة ..
وسالت اخرى : صحيح يا جورجيت الي بحكوه انك انت اللي بتخطفي الرجال وبتقتليهم ...
صمتت جورجيت ولم تجب على السؤال ... واعادت الفتاة السؤال من جديد ...
تنهدت جورجيت وقالت : انا ما بقتل وما بخطف ....
فقالت اخرى : طيب وين بروحوا وين بختفوا ليش بحكواعنك انك انت الي بتوخذيهم ...
_لم تجب جورجيت على السؤال .... والحت النساء علىجورجيت ان تجيبهم ولكن جورجيت رفضت الاجابة...
فقالت اخرى : سامحيهم يا جورجيت علشانا احنا سامحيهم ، ولا تنسي يا جورجيت انهم اخوتنا وابوتنا وولادنا.. سامحيهم يا جورجيت علشانا ..
بكت جورجيت وقالت : قلن لي انتن ، وانا شو ذنبي اعيش في القبور وانا طيبة.. وليش حكموا علي ما اشوف الشمس شو ذنبي انا .. شو ذنب بنتي ؟؟ فيحد منكن يقول لي مين ابو بنتي ...احكن .. ليش ساكتات .. بنتي انا مين " ابوها " ??!!... بدكن اسامحهم علشانهم ابوتكم واخوتكم وولادكم ... حاضر علشانكم راح اسامحهم .. انا مسامحتهم في كل اللي عملوا فيّ ، بس بنتي لما تكبر حتقدر تسامحهم ...
صمتت النساء ولم يستطعن الرد على جورجيت وصمتت جورجيت ومرت دقائق من الصمت لا احد ينبس بحرف واحد ... ووقفت جورجيت وقالت : يا بنات الدهري كلكن خواتي .. وبناتكن بناتي .. بحبكن وحظل احبكن وراح اعلم بنتي تحبكن... وانا بقلكن انا ما بخطف ومابقتل حدا .... رجال الدهري بفتحوا القبور بخاطرهم وبسكنوها بخاطرهم والحال مش حيتغير، انا وبنتي حنظل ساكنين القبور وما دام في ذكر من دم الدهري بتجرأ وبفتح قبر بخاطره حيسكنه بخاطره ... ما تلومنّي وسامحنّي وقولن لرجالكن ما يفتحوا قبور ... علشان ما يسكنوها ....
وادارت جورجيت ظهرها وسارت مبتعدة عنهن حتى توارت عن الانظار ومرت اشهر وعائلة الدهري على حالها .. حتى وصل اليهم نبأ بان هناك عجوز في بيت المقدس ذات قدرات كبيرة ارسلوا في طلبها لتساعدهم في الخلاص من هذه اللعنة التي اصابتهم ..
رفضت العجوز الذهاب الى الشام وارسلوا وفدا لمقابلتها وحكوا لهامصيبتهم وما يحدث معهم ...
فقالت العجوز : لقد اصابتكم لعنة القبور ان لمتوقفوها الان فستستمر الى ولد الولد
فقالوا :وكيف نوقفها ؟؟
فقالت : كم قبرا فتحتم ؟؟
فقالوا :عشرين قبرا ...
فقالت : وكم شخصاً اختفى منكم؟؟؟
فقالوا : سبعة عشر شخصا ...
فقالت : اختاروا من بينكم ثلاثة اشخاص ليذهبوا ويسكنوا داخل القبور لمدة سبعة ايام ، فمن استطاع منهم ان يحافظ على عقله خلال الايام السبعة سيخرج ولن تصيبه اللعنة ... وبعدها احذروا ان تفتحوا اي قبر جديد لان كل قبر ستفتحوه يجب ان يسكنه احدكم .. وبعد ذلك اضيئوا الشموع في بيوتكم ليل نهار حتى تكبر ابنة جورجيت .. ومن ثم ابحثوا عنها واعرضوا عليها شبابكم فان احبتاحدهم واحبها .. تتزوجه وتخرج من الظلام وتنتهي اللعنة ... لا تنسوا ان لم تبحثواعنها انتم ستبحث هي عنكم .. اما بخصوص اقاربكم الذين اختفوا فمن بقي منهم على قيد الحياة ستجدوه هائماً على وجهه في البراري ..
وفي المغارة تحت القبور حيث تسكن جورجيت
و ابنتها التي بلغت الثالثة والعشرين من العمر ..... تـــ . .
===========================
==================================
الحلقة 22
تقدمت جورجيت تحمل بيدها عباءة وخمارا ووضعتهم امام ابنتها وقالت له